الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يسن لداخل المسجد أن يتعاهد نعله وأن يبدأ بخلع اليسرى ويقدم اليمنى في الدخول ويقول ما ورد .

( وافتقدها ) أي يسن افتقاد النعال ( عند ) إرادة دخول ( أبواب ) [ ص: 303 ] جمع باب ( مسجد ) لإزالة ما علق بها من أذى ; لما روى الخلال عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : تعاهدوا نعالكم عند أبواب المساجد } قال القاضي أبو يعلى : إنما قال ذلك خوفا من أن تكون فيها نجاسة فتنجس المسجد .

وتقدم ما ذكره الشيخ في فتواه قريبا .

قال في الآداب الكبرى : ويسن أن يبدأ بخلع اليسرى ولبس اليمنى .

بيساره فيهما ، والمسجد ونحوه فيهما سواء قال المروذي : رأيت أبا عبد الله إذا دخل المسجد خلع نعليه ، وهو قائم ، ويقدم الرجل المسلم والمرأة المسلمة يعني الذكر والأنثى اليمنى من رجليه دخولا واليسرى خروجا .

ويقول عند الدخول : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ، ثم يقول : بسم الله ويدخل على الصفة التي ذكرناها بأن يقدم رجله اليمنى في الدخول ويقدم اليسرى في الخروج ، ويقول ما ذكرناه عند خروجه إلا أنه يقول أبواب فضلك بدل رحمتك .

ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال { إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل اللهم إني أسألك من فضلك } ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم . وليس في رواية مسلم { فليسلم على النبي } صلى الله عليه وسلم . وهو في رواية الباقين . زاد ابن السني { وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل : اللهم أعذني من الشيطان الرجيم } روى هذه الزيادة ابن ماجه وابن خزيمة وأبو حاتم بن حبان بكسر الحاء المهملة في صحيحهما .

وروى أبو داود بسند جيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال فإذا قال ذلك قال الشيطان حفظه مني سائر اليوم } .

[ ص: 304 ] وفي كتاب ابن السني عن عبد الله بن الحسن عن أمه عن جدته رضي الله عنها قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد حمد الله - تعالى ، وسمى وقال : اللهم اغفر لي ، وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج قال مثل ذلك ، وقال : اللهم افتح لي أبواب رحمتك } .

وفي المسند والترمذي وسنن ابن ماجه من حديث فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى رضي الله عنهم قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال : اللهم صل على محمد وسلم اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج قال مثلها إلا أنه يقول : أبواب فضلك } . ولفظ الترمذي { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم } . قلت : وهذا الحديث ، والذي قبله واحد . وإنما ذكرناهما بصورة حديثين لما في ألفاظهما من التخالف ، ولأن الشيخ أبا زكريا النووي - رحمه الله - عزاه لابن السني فقط مع أنه في مسند الإمام وسنن الترمذي وسنن ابن ماجه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية