الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يكره السؤال في المسجد والتصدق على السائل فيه .

( السادس ) : قال علماؤنا : يكره السؤال في المسجد والتصدق على السائل فيه لا على غيره .

ونص الإمام أحمد رضي الله عنه أن من سأل قبل [ ص: 324 ] خطبة الجمعة ثم جلس لها تجوز الصدقة عليه ، يعني لم تكره الصدقة عليه .

وكذلك إن تصدق على من لم يسأل أو سأل الخاطب الصدقة على إنسان جاز .

قال محمد بن بدر : صليت يوم الجمعة فإذا أحمد يقرب مني ، فقام سائل فسأل فأعطاه أحمد قطعة ، فلما فرغوا من الصلاة قام رجل فقال للسائل : أعطني القطعة وأعطيك درهما ، فأبى ، فما زال يزيده إلى خمسين ، فقال : لا إني أرجو من بركة هذه القطعة ما ترجوه أنت .

ذكره الإمام ابن مفلح في الآداب الكبرى والبيهقي في المناقب .

ونقل عن أبي مطيع البلخي الحنفي : لا يحل أن يعطى سؤال المساجد .

وقال خلف بن أيوب : لو كنت قاضيا لم أقبل شهادة من تصدق يعني في المساجد .

واختار صاحب المحيط منهم أنه إن سأل لأمر لا بد منه ، ولا ضرر فلا بأس بذلك ، وإلا كره .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه عن السؤال في الجامع هل هو حلال أو حرام أو مكروه أو أن تركه أحب من فعله ؟ أجاب : الحمد لله .

أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة ، فإن كان به ضرورة ، وسأل في المسجد ولم يؤذ أحدا كتخطية رقاب الناس ، ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله ، ولم يجهر جهرا يضر الناس ، مثل أن يسأل والخطيب يخطب ، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك ، جاز والله أعلم .

وسئل أيضا : ما تقول في هؤلاء الصعاليك الذين يطلبون من الناس في الجوامع ويشوشون على الناس ، فهل يجوز الإنكار عليهم بسبب ذلك ، وهل يجوز تقسيم الناس بالست نفيسة وبالمشايخ وغيرهم ؟ أجاب رضي الله عنه بما لفظه : أما إذا ظهر منهم منكر مثل روايتهم للأحاديث المكذوبة أو سؤالهم ، والخطيب يخطب .

أو تخبيطهم للناس فإنهم ينهون عن ذلك .

وكذلك إذا سألوا بغير الله ، سواء سألوا بأحد من الصحابة أو غير الصحابة أو نفيسة ، فالصدقة إنما لوجه الله لا لأحد [ ص: 325 ] من المخلوقين .

وأما إذا خلا سؤالهم عن المنكرات وكانوا محتاجين فإنه جائز في أظهر قولي العلماء ، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أن سائلا سأل في المسجد فأمر بإعطائه ، والله أعلم . انتهى . .

التالي السابق


الخدمات العلمية