الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( فرع ) : الغيبة لا تفطر الصائم على الصحيح من المذهب فقها . قال الإمام أحمد : ويتعاهد صومه بصون لسانه من نحو غيبة كما في الإقناع وغيره .

وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله { من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه } رواه البخاري وغيره . وعند ابن ماجه { من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به } .

وقوله صلى الله عليه وسلم { ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث } [ ص: 115 ] رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما .

وقوله صلى الله عليه وسلم { رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر } رواه ابن ماجه وابن خزيمة والحاكم وقال على شرطهما .

وحديث { المرأتين اللتين صامتا وأنهما قد كادتا أن تموتا من العطش ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم رسولهما يا نبي الله إنهما والله قد ماتتا أو كادتا أن تموتا . قال ادعهما . قال فجاءتا . قال فجيء . بقدح أو عس قدح عظيم وهو بضم العين وتشديد السين المهملين فقال لأحدهما قيئي فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما حتى ملأت نصف القدح ، ثم قال للأخرى قيئي فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط وغيره حتى ملأت القدح ، ثم قال إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان من لحوم الناس } رواه الإمام أحمد واللفظ له وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وغيرهم - فمحمول على الزجر والتحذير .

قالا في الفروع : ولا يفطر بالغيبة ونحوها ، نقله الجماعة اتفاقا .

وقال الإمام أحمد رضي الله عنه : لو كانت الغيبة تفطر ما كان لنا صوم . وذكره الموفق إجماعا ، لأن فرض الصوم بظاهر القرآن الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، وظاهره صحته إلا ما خصه دليل .

ذكره صاحب المحرر ، يعني الإمام المجد . قال والنهي عن قول الزور والعمل به والغيبة ليسلم من نقص الأجر .

قال في الفروع : ومراده أنه قد يكثر فيزيد على أجر الصوم ، وقد يقل وقد يتساويان .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية . وهذا لا نزاع فيه بين الأئمة .

وأسقط أبو الفرج ثوابه بالغيبة ونحوها . قال في الفروع ، ومراده ما سبق وإلا فضعيف . واختار ابن حزم الظاهري يفطر بكل معصية . والمعتمد خلاف ما زعم ، مع كون الإجماع على خلافه والله الموفق . .

التالي السابق


الخدمات العلمية