إسلام ويب - غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - مطلب في حكم القران بين تمرتين فأكثر - مطلب مراتب الغذاء ثلاثة- الجزء رقم2
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 111 ] مطلب : مراتب الغذاء ثلاثة ، وقال الإمام ابن القيم في الهدي النبوي : nindex.php?page=treesubj&link=19251_18352مراتب الغذاء ثلاثة :
( أحدها ) : مرتبة الحاجة .
( والثانية ) : مرتبة الكفاية .
( والثالثة ) : مرتبة الفضيلة .
فأخبر صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=8468أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه } فلا تسقط قوته ولا يضعف ، فإن تجاوزها فليأكل ثلث بطنه ويدع الثلث الآخر للماء والثالث للنفس ، وهذا أنفع للبدن ، والقلب ، فإن البدن إذا امتلأ من الطعام وضاق عن الشراب ، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض له الكرب والتعب بحمله بمنزلة الحمل الثقيل هذا مع ما يلزم ذلك من فساد القلب وكسل الجوارح عن الطاعات ، والعبادات ، فالامتلاء مضر للقلب ، والبدن ، هذا إذا كان دائما ، وأما إذا كان في الأحيان فلا بأس به . واستشهد بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وبشبع الصحابة رضي الله عنهم مرارا بحضرته صلى الله عليه وسلم فهذا بعض منافع تقليل الغذاء وترك التملي من الطعام بالنسبة إلى صلاح البدن وصحته .
وأما منافعه بالنسبة إلى القلب وصلاحه ، فإن nindex.php?page=treesubj&link=18352_18336_19251قلة الغذاء توجب رقة القلب وقوة الفهم وانكسار النفس وضعف الهوى ، والغضب ، وكثرة الغذاء توجب ضد ذلك . وقال الحسن : يا ابن آدم كل في ثلث بطنك واشرب في ثلث ودع ثلث بطنك للنفس لتتفكر ، وقال المروذي : جعل nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله يعني الإمام أحمد رضي الله عنه يعظم أمر الجوع ، والفقر فقلت : يؤجر الرجل في تلك الشهوات ؟ فقال : وكيف لا يؤجر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر يقول : ما شبعت منذ أربعة أشهر ؟ قلت لأبي عبد الله : يجد الرجل من قلبه رقة ، وهو يشبع ؟ قال : ما أرى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : قال رجل nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر رضي الله عنهما : ألا أجيئك بجوارش قال : وأي شيء يهضم الطعام إذا أكلته قال : ما شبعت منذ أربعة أشهر وليس ذلك لأني لا أقدر عليه ولكن أدركت أقواما يجوعون أكثر مما يشبعون . وروى يحيى بن منده في كتاب مناقب الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بإسناده عن الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه أنه سئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=17201 : ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس } قال : ثلث للطعام هو القوت وثلث للشراب هو القوى وثلث للنفس هو الروح . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وغيره [ ص: 112 ] أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه خطب يوما فقال : إياكم ، والبطنة ، فإنها مكسلة عن الصلاة مؤذية للجسم وعليكم بالفضل في قوتكم ، فإنه أبعد من الأشر وأصح للبدن وأقوى على العبادة ، وإن امرأ لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض : خصلتان يقسيان القلب : كثرة الكلام وكثرة الأكل . وروى المروزي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=17036محمد بن واسع أنه قال : " من قل طعمه فهم وأفهم وصفا ورق ، وإن كثرة الطعام ليثقل صاحبه عن كثير مما يريد ، وقال أبو عبيدة الخواص : حتفك في شبعك وحظك في جوعك إذا أنت شبعت ثقلت فنمت استمكن منك العدو فجثم عليك وإذا أنت تجوعت كنت للعدو بمرصد .
وقال سلمة بن سعيد : إن كان الرجل ليعير بالبطنة كما يعير بالذنب يعمله .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار : ما ينبغي للعاقل أن يكون بطنه أكبر همه وأن تكون شهوته هي الغالبة عليه . وكان يقال : لا تسكن الحكمة معدة ملأى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15531بشر بن الحارث ما شبعت منذ خمسين سنة ، وقال ما ينبغي للرجل أن يشبع اليوم من الحلال ; لأنه إذا شبع من الحلال دعته نفسه إلى الحرام .
فانظر رحمك الله هذه الهمم العلية ، والأنفس الزكية ، ونحن في هذه الأعصار ، نتضلع من هذه الأقذار ، ولا نتزود لتلك الدار . عياذا بك اللهم من مر الأقدار ، والخلود إلى نيل الشهوات الموجبة إلى دخول النار . ولا حول ولا قوة إلا بالله الرحيم الغفار . .