الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مطلب : في nindex.php?page=treesubj&link=1253_1259_1251_1252التهجد وما ورد في فضله .
( وخذ ) أيها الأخ الصادق ، والخل الموافق ( بنصيب ) وافر ، وسهم صالح غير قاصر ( في الدجى ) أي في الظلام . قال في القاموس : دجا الليل دجوا ودجوا أظلم كأدجى وتدجى وادجوجى ، وليلة داجية ، ودياجي الليل حنادسه كأنها جمع ديجاة انتهى ( من تهجد ) لقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } يقال : هجد وتهجد أي نام وسهر فهو من الأضداد يطلق على النوم وضده ، ولا يخفى أن مراد الناظم روح الله روحه الأخذ بنصيب من صلاة الليل ، والمتهجد المصلي بالليل . قال علماؤنا : التهجد لا يكون إلا بعد النوم . والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة ، وصلاة الليل أعم من ذلك ، فهي ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ، وهي سنة مرغب فيها ، وأفضل من صلاة النهار ، قد وردت بها الأخبار ، وتظافرت بالحث عليها الآثار وأفضل الليل نصفه الأخير ، وأفضله ثلثه الأول ، وهذا معنى قولهم أفضل الليل الثلث بعد النصف كما هو نص الإمام رضي الله عنه .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في صحيحه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1368أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } .
وروى الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني بإسناد حسن ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وقال صحيح على شرطهما عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11973في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات قائما والناس نيام } [ ص: 497 ] وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام عند الترمذي وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين أنه أول ما سمع من كلامه صلى الله عليه وسلم أن قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1326أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام } ، .
وفي الصحيحين وغيرهما عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=553أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ، ويصوم يوما ويفطر يوما } .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21783عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين من قبلكم ، وقربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم } رواه الترمذي في كتاب الدعاء من جامعه nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في التهجد nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم كلهم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح كاتب nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . قلت : وكاتب nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث مختلف فيه ، كان ابن معين يوثقه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ليس بثقة . وقال أبو حاتم : سمعت ابن معين يقول : أقل أحواله أن يكون قرأ هذه الكتب على nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث وأجازها له . قال : وسمعت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يقول : كان أول أمره متماسكا ثم فسد بآخره . وقال عبد الملك بن شعيب : ثقة مأمون . وقال أبو حاتم : صدوق أمين ما علمت ، وقال ابن عدي : هو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في أسانيده ومتونه غلط ولا يعتمد ، وقد روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ، والله أعلم .
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=21783عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، ومقربة لكم إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن الجسد } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير ، والترمذي في الدعوات من جامعه .
ففي هذا الحديث أن قيام الليل يوجب صحة الجسد ويطرد عنه الداء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه : فضل صلاة الليل على صلاة النهار [ ص: 498 ] كفضل صدقة السر على صدقة العلانية . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عنه مرفوعا . قال الحافظ ابن رجب : والمحفوظ وقفه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص رضي الله عنه : ركعة بالليل خير من عشر ركعات بالنهار أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا .
وإنما فضلت صلاة الليل على صلاة النهار ; لأنها أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص . وقد كان السلف الصالح يجتهدون على إخفاء أسرارهم .
قال الحسن : كان الرجل تكون عنده زواره فيقوم من الليل فيصلي لا يعلم به زواره . وكانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوت . وكان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليله وهي لا تشعر ; ولأن صلاة الليل أشق على النفوس ، فإن الليل محل النوم والراحة من التعب بالنهار . فترك النوم مع ميل النفس إليه مجاهدة عظيمة .
قال بعضهم : أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس . ولأن القراءة في صلاة الليل أقرب إلى التدبر لقطع الشواغل عن القلب بالليل فيحضر القلب ويتواطأ هو واللسان على الفهم كما قال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=6إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا } ولهذا المعنى أمر بترتيل القرآن في قيام الليل ترتيلا .
ولهذا كانت صلاة الليل منهاة عن الإثم كما مر في حديث الترمذي وغيره .
وفي المسند عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=3951أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له إن فلانا يصلي من الليل فإذا أصبح سرق ، فقال ستنهاه صلاته وما يقول } ولأن وقت التهجد من الليل أفضل أوقات التطوع بالصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه ، وهو وقت فتح أبواب السماء واستجابة الدعاء واستعراض حوائج السائلين .