[ ص: 278 ] فصل
الرازي: "العاشر: لأبي ابن كعب: "يا أبا المنذر [أية] آية في كتاب الله تعالى أعظم؟ قال: فتردد فيه مرتين. ثم قال في الثالثة: آية الكرسي، فضرب بيده صلى الله عليه وسلم على صدره، وقال: "أصبت. والذي نفسي بيده إن لها لسانا يقدس الله عند العرش". ولا بد فيه من التأويل". قال (صلى الله عليه وسلم) قال
قال: "فثبت بكل ما ذكرناه أن المصير إلى التأويل أمر [ ص: 279 ] لا بد منه لكل عاقل. وعند هذا قال المتكلمون: لما ثبت بالدليل أن وجب علينا أن نضع لهذه الألفاظ الواردة في القرآن والأخبار محملا صحيحا، لئلا يكون ذلك سببا للطعن فيها. فهذا تمام القول في المقدمة وبالله التوفيق". الله منزه عن الجهة والجسمية،
والكلام على هذا من وجوه:
أحدها: أن لفظ الحديث الذي ذكر عن أبي -رضي الله عنه- على ما رواه (في صحيحه) عن مسلم عبد الله بن رباح، عن قال: أبي بن كعب أبا المنذر! أتدري أي آية في كتاب الله تعالى أعظم؟ قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال: فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم [ ص: 280 ] يا أبا المنذر". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا
وهكذا رواه (في سننه). أبو داود (في مسنده). زاد والإمام أحمد صاحب (أطراف أبو مسعود الدمشقي، البخاري ومسلم): [لكن] هذه الزيادة ليست موجودة فيما بأيدي الناس من (صحيح "والذي نفسي بيده إن لهذه الآية لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش"، [ ص: 281 ] لكن رواها مسلم). عن الإمام أحمد ورواها أبي بكر بن أبي شيبة (في مصنفه). ذكر هذا ابن أبي شيبة عبد الحق في (الجمع بين الصحيحين).
[ ص: 282 ] والقول في ذلك كالقول فيما تقدم من مجيء القرآن والأعمال الصالحة كما تقدم بيانه.
ونظير ذلك ما ورد من أن للكلم الطيب حول العرش دويا. كما ورد: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، إن لها دويا حول العرش تذكر بصاحبها".
وما يشبه هذا ما روي عن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن مسعود إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد! [ ص: 283 ] أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" قال "لقيت حديث حسن. الترمذي:
فمعلوم أنه ليس المعنى الظاهر من هذا الباب أن نفس العمل أو القول الذي يقوم بالقائل، والقائل هو نفس شجر الجنة، ولكن يظهر منه أن هذا الكلام يصير منه شجر في الجنة، فيغرسه الله غراسا في الجنة، كلما تكلم العبد بهذه الكلمات غرس [له] [غراس]. هذا [هو] المعنى الذي يظهر منه سواء كان الله تعالى يصور نفس هذا العمل ذلك الغراس، كما يصور [ ص: 284 ] من الحب والنوى شجرا، ومن المني حيوانا، أو كان [بذلك] العمل يخلق شجرا وإن لم يكن من نفسه.