الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وهذه الوجوه كلها مع أنها مبطلة [لقول] من يعيد الضمير في قوله إلى آدم، فهي أدلة مستقلة في الإخبار بأن الله تعالى خلق آدم على صورة نفسه.

وبهذا حصل الجواب عما يذكر من كون الأعمش مدلسا، حيث يقدم على رواية مثل هذا الحديث، ويتلقاه عنه العلماء، ويوافقه الثوري والعلماء على روايته عن ذلك الشيخ بعينه، [ ص: 451 ] [وكذلك] قوله حبيب مدلس. فقد أخذه عنه هؤلاء الأئمة. [وأيضا] فهذا المعنى عند أهل الكتاب من الكتب المأثورة عن الأنبياء كالتوراة [فإن] في السفر الأول منها: "سنخلق [بشرا] على صورتنا يشبهها".

وقد قدمنا أنه يجوز الاستشهاد بما عند أهل الكتاب إذا وافق ما يؤثر عن نبينا، بخلاف ما لم نعلمه إلا من جهتهم، فإن هذا لا نصدقهم فيه ولا نكذبهم.

ثم إن هذا مما لا غرض لأهل الكتاب في افترائه على الأنبياء، بل المعروف من حالهم كراهة وجود ذلك في كتبهم وكتمانه وتأويله كما قد رأيت ذلك مما شاء الله من علمائهم، ومع هذا الحال يمتنع أن يكذبوا كلاما يثبتونه في ضمن التوراة [ ص: 452 ] وغيرها، وهم يكرهون وجوده عندهم، وإن قيل الكاره [لذلك] غير [الكاتب] له، فيقال: هو موجود في جميع النسخ الموجودة في الزمان القديم، في جميع الأعصار والأمصار من عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

وأيضا: فمن المعلوم أن هذه النسخ الموجودة اليوم بالتوراة ونحوها قد كانت موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان ما فيها من الصفات كذبا، وافتراء، ووصفا لله بما يجب تنزيهه عنه، كالشركاء، والأولاد، لكان إنكار ذلك عليهم موجودا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة، أو التابعين، كما أنكروا عليهم ما دون ذلك، وقد عابهم الله في القرآن بما دون ذلك مما هو دون ذلك فلو كان هذا عيبا لكان عيب الله لهم أعظم، وذمهم عليه أشد.

التالي السابق


الخدمات العلمية