الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وبينا أن الموجودين في الخارج لا يشارك أحدهما الآخر في نفسه ووجوده وماهيته، بل كل منهما مختص بذلك، بائن بذاته، لكن يشبه أحدهما الآخر شبها قليلا أو كثيرا، صغيرا أو كبيرا، بعيدا أو قريبا، وإنما يشتبهان في شيء، وذلك الشيء الذي [ ص: 482 ] يشتبهان فيه [هو الذي يشتركان فيه] وهو المعنى الكلي، وهو بعينه لا يوجد في الخارج (مجردا عنهما، وإنما يوجد في هذا [حصة] منه، وفي هذا [حصة] منه، فهو بوصف العموم لا يوجد في الخارج) وبوصف الخصوص يوجد في الخارج، وأما بوصف الإطلاق المقابل للتقييد فلا يوجد في الخارج، فليس في الخارج مطلق غير مقيد، وأما بوصف الإطلاق حتى عن التقييد، وهو المطلق الذي يمتنع كونه مقيدا، فقد يقال في ذلك إنه موجود في الخارج، لكن هو موجود مع كونه مقيدا، لا موجودا مطلقا غير مقيد.

وكذلك في الحي والحي والعالم والعالم، لا بد من نوع اشتباه هو الاشتراك في المرتبة الثانية وهي:

المرتبة العلمية. يقوم في نفس العالم معنى عام كلي، يعم هذا وهذا، كما يقوم في نفسه المعنى المطلق والمعنى الخاص، فذلك المعنى العام يقال له المعنى المشترك، وهو الذي اشتبها [ ص: 483 ] فيه. ثم في: المرتبة الثالثة، والرابعة، يكون اللفظ [بالاسم] والخط مطابقا لهذا المعنى العلمي، فيقال في الاسم العام الذي يجب الاشتراك فيه: الموجود ينقسم إلى واجب وممكن، والحي ينقسم إلى واجب وممكن، ونحو ذلك، إذ مورد التقسيم مشترك بين الأقسام، ويقال في المطلق الذي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وإن لم يوجب الاشتراك، الموجود قد يكون واجبا، وقد يكون ممكنا، والموجود يقال للواجب والممكن، وكذلك الحي والعليم والقدير، ويقال في الخاص هذا الموجود وهذا الحي، وأسماء الله كلها خاصة به، ولكن إذا جردت عن أداة التخصيص لفظا أو قصدا أمكن في بعضها أن تجعل مطلقة وعامة، كالعليم والسميع والبصير والحي، ونحو ذلك، ولم يمكن ذلك في بعضها، ولهذا جعلها الفقهاء في باب الأيمان ثلاثة أقسام:

قسما مختصا بالله، لا يجوز أن يسمى به غيره (كاسم الله، ورب العالمين، فهذا نص.

و [قسما] هو ظاهر في حق الله، لكن يجوز أن يسمى به غيره) مع القرينة، فهذا أيضا يمين عند الإطلاق وبالنية. [ ص: 484 ] [و] قد لا يكون يمينا، كالحي والصمد.

وقسما ليس هو ظاهرا في حق الله، بل هو مجمل مشترك، ويقال له وللمخلوق، مثل اسم الموجود، ونحوه، فهذا القسم لا يكون يمينا عند الإطلاق، وإن قصد به الله، فهل يكون يمينا؟ على قولين مشهورين:

أحدهما: يكون يمينا، وهو ظاهر مذهب أحمد، فتنعقد اليمين عندهم بالصريح والكناية.

والثاني: لا يكون يمينا، وهو ظاهر مذهب الشافعي، وقول في مذهب أحمد، لأن اليمين لا تنعقد عند هؤلاء بالكناية.

التالي السابق


الخدمات العلمية