الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه الرابع: [أن قوله]: "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته"، لو كانت الإضافة إضافة خلق، وملك، لوجب ألا يضرب شيء من الأعضاء، لأن إضافته إلى خلق الله وملكه كإضافة الوجه سواء.

الوجه الخامس: أن هذا الوجه المضروب هو في كونه مخلوقا مملوكا لله بمنزلة الصورة المملوكة لله، فلو كان قد نهى عن ضرب هذا لكونه ذاك لكان هذا التشبيه من باب العبث، لأن العلة في المشبه به مثل من يقول لأحد ابنيه: إنما أكرمتك لأنك مثل ابني الآخر في معنى البنوة، أو يقول لعبده: إنما أعطيتك لأنك مثل عبدي الآخر في معنى العبودية، وهما مشتركان في هذا.

الوجه السادس: أنه من المعلوم أن جميع ما [يضرب] من الموجودات ويشتم هو من مخلوق الله مملوك، وهذا يوجب ألا يضرب مخلوق، ولا يشتم مخلوق.

[ ص: 539 ] الوجه السابع: أن قوله: "لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته"، يدل على أن المانع هو مشابهة وجهه لصورة الله، فلو أريد صورة يخلقها الله لكان كونه هو في نفسه مخلوقا لله أبلغ من كونه مشبها لما خلقه الله، فيكون عدولا عن التعليل بالعلة الكاملة إلى ما يشبهها.

الوجه الثامن: أنه لو قال: لا تضرب وجه هذا، فإن الله خلقه على صورته، [لكان] قد يقال: فإن الله خلق هذا على صورة مشرفة [مكرمة]، بل قال: "إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته"، "ولا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته".

التالي السابق


الخدمات العلمية