الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه السابع: أن يقال: إذا كان مخلوقا على صورة الله تعالى المعنوية، فلا يخلو إما أن يكون ذلك مقتضيا لكون [ ص: 523 ] صفات العبد المعنوية من جنس صفات الله، بحيث تكون حقيقتها من جنس حقيقتها. أو لا يقتضي ذلك، بل يقتضي المشابهة فيها مع تباين الحقيقتين.

فإن كان مقتضى الحديث الأول فهو تصريح بأن الله له مثل، وهذا باطل وأيضا فإنه ممتنع في العقل، فإن المتماثلين في الحقيقة يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، والمخلوق يجب أن يكون معدوما محدثا، مفتقرا ممكنا، والخالق يجب أن يكون قديما واجب الوجود غنيا، فيجب أن يكون الشيء الواحد واجبا ممكنا غنيا فقيرا موجودا معدوما، وهذا جمع بين النقيضين، فثبت أن الحديث لا يجوز حمله على هذا.

[ ص: 524 ] وأيضا: فإنه على هذا التقدير لا يكون في حمله على الصورة الظاهرة محذور.

وإن لم يكن ذلك مقتضيا لكون صفات العبد من جنس صفات الرب، بحيث تكون الحقيقة من جنس الحقيقة، مع كون هذا عالما وهذا عالما، وهذا حيا وهذا حيا، وهذا قادرا وهذا قادرا، وهذا [سميعا بصيرا] وهذا [سميعا بصيرا]، بل هذا موجود وهذا موجود، مع كون الحقيقتين والعلم والقدرة متشابهات. وكذلك لا يجب إذا كان لهذا وجه وصورة، ولهذا وجه وصورة، أن تكون الحقيقة من جنس الحقيقة، مع تشابه الحقيقتين. يوضح ذلك [أنه] على التقديرين لا بد أن يكون بين الذات والذات مشابهة، إذا كان على [ ص: 525 ] الصفة المعنوية فإن كون هذا عالما [قادرا]، وهذا موجودا وهذا موجودا، وهذا ذاتا وهذا [ذاتا]، لها صفات وهذا [ذاتا] لها صفات، لا بد أن يثبت التشابه كما تقدم.

التالي السابق


الخدمات العلمية