الوجه [الخامس]: أن آدم على صورة آدم، موجود نظيره في جميع المخلوقات، فإنه إن أريد بذلك على صورتها الثابتة في القدر، في علم الله وكتابه، أي: على صفتها التي هي عليها (أو غير ذلك) فهذا موجود نظيره في سائر المخلوقات، من السموات والأرض، وما بينهما ومن الملائكة والجن والبهائم، بل وذرية جميع ما يذكر من التأويل كقول القائل: خلق آدم كذلك، فإنهم خلقوا على صورهم كما يذكرونه في معنى قولهم: خلق الله آدم على صورة آدم.
فإن كون آدم على صورته يعني [شبحا] موجود في صور [ ص: 440 ] هذه الأمور، وأما كونه خلق على هذه الصورة ابتداء، أو في غير مدة فإنه لم يخلق إلا من حال إلى حال، من التراب، ثم من الطين، ثم من الصلصال، كما خلق بنوه من النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة. فلا منافاة في الحقيقة بين الأمرين، فإذا جاز أن يقال في أحدهما: إنه خلق على صورته، مع تنقله في هذه الأطوار، جاز أن يقال في الآخر: خلق على صورته، مع تنقله في هذه الأطوار، وإذا كان كذلك فمن المعلوم بالاتفاق أن قوله: آدم على صورته" هي من خصائص "خلق آدم، وإن كان بنوه تبعا له في ذلك، كما خلقه الله تعالى بيديه، وأسجد له ملائكته علم بطلان ما يوجب الاشتراك، ويزيل الاختصاص.