الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال ( ومن nindex.php?page=treesubj&link=6622_16293_24650_15261_15217_15218_26425_15227كان في يده ألف فادعاه رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه وأبى أن يحلف لهما فالألف بينهما [ ص: 496 ] وعليه ألف أخرى بينهما ) وشرح ذلك أن دعوى كل واحد صحيحة لاحتمالها الصدق فيستحق الحلف على المنكر بالحديث ويحلف لكل واحد منهما على الانفراد لتغاير الحقين ، وبأيهما بدأ القاضي جاز لتعذر الجمع بينهما وعدم الأولوية .
ولو تشاحا أقرع بينهما تطييبا لقلبهما ونفيا لتهمة الميل ، ثم إن حلف لأحدهما يحلف للثاني ، فإن حلف فلا شيء لهما لعدم الحجة ، وإن نكل أعني للثاني يقضي له لوجود الحجة ، وإن نكل للأول يحلف للثاني ولا يقضي بالنكول ، بخلاف ما إذا أقر لأحدهما لأن الإقرار حجة موجبة بنفسه فيقضي به ، أما النكول إنما يصير حجة عند القضاء فجاز أن يؤخره ليحلف للثاني [ ص: 497 ] فينكشف وجه القضاء ، ولو نكل للثاني أيضا يقضي بها بينهما نصفين على ما ذكر في الكتاب لاستوائهما في الحجة كما إذا أقاما البينة ويغرم ألفا أخرى بينهما لأنه أوجب الحق لكل واحد منهما ببذله أو بإقراره وذلك حجة في حقه ، وبالصرف إليهما صار قاضيا نصف حق كل واحد بنصف حق الآخر فيغرمه ، فلو قضى القاضي للأول حين نكل ذكر الإمام علي البزدوي في شرح الجامع الصغير أنه يحلف للثاني وإذا نكل يقضي بها بينهما لأن القضاء للأول لا يبطل حق الثاني لأنه يقدمه إما بنفسه أو بالقرعة وكل ذلك لا يبطل حق الثاني .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14224الخصاف أنه ينفذ قضاؤه للأول ، ووضع المسألة في العبد وإنما نفذ لمصادفته محل الاجتهاد لأن من العلماء من قال يقضي للأول ولا ينتظر لكونه إقرار دلالة ثم لا يحلف للثاني ما هذا العبد لي لأن نكوله لا يفيد بعدما صار للأول ، وهل يحلفه بالله ما لهذا عليك هذا العبد ولا قيمته وهو كذا وكذا ولا أقل منه .
قال : ينبغي أن يحلفه عند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله خلافا nindex.php?page=showalam&ids=14954لأبي يوسف بناء على أن المودع إذا أقر الوديعة ودفع بالقضاء إلى غيره يضمنه عند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد خلافا له وهذه فريعة تلك المسألة وقد وقع فيه بعض الإطناب والله أعلم .
( قوله وشرح ذلك أن دعوى كل واحد صحيحة ) أي على سبيل الانفراد دون الاجتماع لاستحالة أن يكون الألف الواحد مودعا عند اثنين بكماله ، كذا في الكفاية وشرح تاج الشريعة وهو الحق عندي في معنى المقام ، فيتم التعليل حينئذ بقوله لاحتمالها الصدق بلا كلفة أصلا . وأما بعض الفضلاء فقد قصد توجيه المقام بالحمل على صحة دعواهما على سبيل الاجتماع حيث قال في بيانه : بأن يودعه أحدهما فيشتري المودع به سلعة من الآخر ويسلمه إليه من ثمنه فيقبضه ثم يودعه أيضا انتهى . أقول : ليس هذا بشيء ، لأن ما ذكر في أصل المسألة من قوله فادعاها رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه يدل على أن كل واحد منهما ادعى أنها ملك له في الحال أودعها إياه ، ولا شك أن العين الواحد لا يتصور أن يكون ملكا لاثنين بكماله في حالة واحدة ، ولا أن يكون مودعا من اثنين بكماله في حالة واحدة ، وفي الصورة التي ذكرها ذلك القائل قد زال إيداع أحدهما الألف ممن هي في يده وزال ملكه عنها أيضا باشترائه بها سلعة من الآخر وتسليمها إليه ، فكيف يحتمل أن يصدقا معا في دعواهما المزبورة .
( قوله ويحلف لكل واحد منهما على الانفراد لتغاير الحقين ) قال جماعة من الشراح في تعليل تغاير الحقين : لأن كل واحد منهما يدعي ألفا . أقول : يرد عليه أن كل واحد منهما إنما يدعي ألفا معينا وهو ما في يد المدعى عليه كما صرح به في وضع المسألة ، nindex.php?page=treesubj&link=6604_6605والنقود تتعين في الودائع على ما تقرر في موضعه ونص عليه الزيلعي في شرح هذه المسألة في التبيين ، فمن أين يدل هذا على تغاير الحقين .
ثم إن بعض الفضلاء بين مغايرة الحقين بنهج آخر حيث قال : والظاهر أن تغاير الحق لتغاير المستحق فلكل منهما حق في يمينه على ما مر في الدعوى من قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=1758لك يمينه } انتهى . أقول : ليس هذا بمفيد هاهنا ، لأن ما يقتضيه أن يكون لكل منهما حق في يمينه إنما هو عدم الاكتفاء لتحليفه لأحدهما فقط ، وهذا لا يستلزم تحليفه لكل واحد منهما على الانفراد كما هو المطلوب هاهنا ، بل يحصل بتحليفه لهما معا ، وإنما الذي يقتضي تحليفه لكل واحد منهما على الانفراد أمر وراء أن يكون لكل واحد منهما حق في يمينه ، ألا ترى أنهما لو ادعيا من أحد شيئا واحدا مشتركا بينهما على سبيل الشيوع كان لكل واحد منهما حق في يمينه قطعا مع أنه لا يجب هناك تحليفه لكل واحد منهما على الانفراد .
والأظهر في تعليله أن يحلف هاهنا لكل واحد منهما على الانفراد ما ذكره صاحب الكافي حيث قال : وإنما يحلف لكل واحد منهما بانفراده لأن كل واحد منهما ادعاه بانفراده انتهى ، تدبر . ( أما النكول إنما يصير حجة عند القضاء فجاز أن يؤخره ليحلف للثاني [ ص: 497 ] فينكشف وجه القضاء ) قال صاحب العناية في بيان وجه القضاء بأن يقضي بالألف للأول أو للثاني أو لهما جميعا ، لأنه لو حلف للثاني فلا شيء له والألف كله للأول ، ولو نكل للثاني أيضا كان الألف بينهما انتهى . أقول : لا صحة لقوله أو للثاني إذ لا احتمال للقضاء بالألف بعد نكول ذي اليد الأول والكلام فيه ، فالمحتمل هنا وجهان لا غير ، والعجب أنه قال في التعليل لأنه لو حلف الثاني فلا شيء له ، والألف كله للأول .
ولو نكل للثاني أيضا كان الألف بينهما ، وهذا قطعي في أن المحتمل هنا وجهان لا غير ، وكان منشأ زلته هو أن سائر الشراح قالوا في بيان وجه القضاء بأن يقضي بالألف لهما أو لأحدهما ، فتوهم nindex.php?page=showalam&ids=14558الشارح المزبور أن قولهم أو لأحدهما يعم الأول والثاني فوقع فيما وقع مع أن مرادهم به أحدهما بعينه وهو الأول .
( قوله وشرح ذلك أن دعوى كل واحد صحيحة ) أي على سبيل الانفراد دون الاجتماع لاستحالة أن يكون الألف الواحد مودعا عند اثنين بكماله ، كذا في الكفاية وشرح تاج الشريعة وهو الحق عندي في معنى المقام ، فيتم التعليل حينئذ بقوله لاحتمالها الصدق بلا كلفة أصلا . وأما بعض الفضلاء فقد قصد توجيه المقام بالحمل على صحة دعواهما على سبيل الاجتماع حيث قال في بيانه : بأن يودعه أحدهما فيشتري المودع به سلعة من الآخر ويسلمه إليه من ثمنه فيقبضه ثم يودعه أيضا انتهى . أقول : ليس هذا بشيء ، لأن ما ذكر في أصل المسألة من قوله فادعاها رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه يدل على أن كل واحد منهما ادعى أنها ملك له في الحال أودعها إياه ، ولا شك أن العين الواحد لا يتصور أن يكون ملكا لاثنين بكماله في حالة واحدة ، ولا أن يكون مودعا من اثنين بكماله في حالة واحدة ، وفي الصورة التي ذكرها ذلك القائل قد زال إيداع أحدهما الألف ممن هي في يده وزال ملكه عنها أيضا باشترائه بها سلعة من الآخر وتسليمها إليه ، فكيف يحتمل أن يصدقا معا في دعواهما المزبورة .
( قوله ويحلف لكل واحد منهما على الانفراد لتغاير الحقين ) قال جماعة من الشراح في تعليل تغاير الحقين : لأن كل واحد منهما يدعي ألفا . أقول : يرد عليه أن كل واحد منهما إنما يدعي ألفا معينا وهو ما في يد المدعى عليه كما صرح به في وضع المسألة ، nindex.php?page=treesubj&link=6604_6605والنقود تتعين في الودائع على ما تقرر في موضعه ونص عليه الزيلعي في شرح هذه المسألة في التبيين ، فمن أين يدل هذا على تغاير الحقين .
ثم إن بعض الفضلاء بين مغايرة الحقين بنهج آخر حيث قال : والظاهر أن تغاير الحق لتغاير المستحق فلكل منهما حق في يمينه على ما مر في الدعوى من قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=1758لك يمينه } انتهى . أقول : ليس هذا بمفيد هاهنا ، لأن ما يقتضيه أن يكون لكل منهما حق في يمينه إنما هو عدم الاكتفاء لتحليفه لأحدهما فقط ، وهذا لا يستلزم تحليفه لكل واحد منهما على الانفراد كما هو المطلوب هاهنا ، بل يحصل بتحليفه لهما معا ، وإنما الذي يقتضي تحليفه لكل واحد منهما على الانفراد أمر وراء أن يكون لكل واحد منهما حق في يمينه ، ألا ترى أنهما لو ادعيا من أحد شيئا واحدا مشتركا بينهما على سبيل الشيوع كان لكل واحد منهما حق في يمينه قطعا مع أنه لا يجب هناك تحليفه لكل واحد منهما على الانفراد .
والأظهر في تعليله أن يحلف هاهنا لكل واحد منهما على الانفراد ما ذكره صاحب الكافي حيث قال : وإنما يحلف لكل واحد منهما بانفراده لأن كل واحد منهما ادعاه بانفراده انتهى ، تدبر . ( أما النكول إنما يصير حجة عند القضاء فجاز أن يؤخره ليحلف للثاني [ ص: 497 ] فينكشف وجه القضاء ) قال صاحب العناية في بيان وجه القضاء بأن يقضي بالألف للأول أو للثاني أو لهما جميعا ، لأنه لو حلف للثاني فلا شيء له والألف كله للأول ، ولو نكل للثاني أيضا كان الألف بينهما انتهى . أقول : لا صحة لقوله أو للثاني إذ لا احتمال للقضاء بالألف بعد نكول ذي اليد الأول والكلام فيه ، فالمحتمل هنا وجهان لا غير ، والعجب أنه قال في التعليل لأنه لو حلف الثاني فلا شيء له ، والألف كله للأول .
ولو نكل للثاني أيضا كان الألف بينهما ، وهذا قطعي في أن المحتمل هنا وجهان لا غير ، وكان منشأ زلته هو أن سائر الشراح قالوا في بيان وجه القضاء بأن يقضي بالألف لهما أو لأحدهما ، فتوهم nindex.php?page=showalam&ids=14558الشارح المزبور أن قولهم أو لأحدهما يعم الأول والثاني فوقع فيما وقع مع أن مرادهم به أحدهما بعينه وهو الأول .