الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن دفع إلى آخر ألفا وأمره أن يشتري بها جارية فاشتراها فقال الآمر اشتريتها بخمسمائة . وقال المأمور اشتريتها بألف فالقول قول المأمور ) ومراده إذا كانت تساوي ألفا ; لأنه أمين فيه وقد ادعى الخروج عن عهدة الأمانة والآمر يدعي عليه [ ص: 64 ] ضمان خمسمائة وهو ينكر ، فإن كانت تساوي خمسمائة فالقول قول الآمر ; لأنه خالف حيث اشترى جارية تساوي خمسمائة والأمر تناول ما يساوي ألفا فيضمن .

قال ( وإن لم يكن دفع إليه الألف فالقول قول الآمر ) أما إذا كانت قيمتها خمسمائة فللمخالفة وإن كانت قيمتها ألفا فمعناه أنهما يتحالفان ; لأن الموكل والوكيل في هذا ينزلان منزلة البائع والمشتري وقد وقع الاختلاف في الثمن وموجبه التحالف . ثم يفسخ العقد الذي جرى بينهما فتلزم الجارية المأمور .

التالي السابق


( قال ) أي محمد في الجامع الصغير ( ومن دفع إلى آخر ألفا وأمره أن يشتري بها جارية فاشتراها فقال الآمر اشتريتها بخمسمائة وقال المأمور اشتريتها بألف فالقول قول المأمور ) إلى هنا لفظ الجامع الصغير . قال المصنف ( ومراده ) أي مراد محمد ( إذا كانت ) أي الجارية ( تساوي ألفا ) يعني أن الحكم المذكور وهو كون القول قول المأمور فيما إذا كانت قيمة الجارية ألفا ( لأنه ) أي المأمور ( أمين فيه ) أي في الخصوص المزبور ( وقد ادعى الخروج عن عهدة الأمانة والآمر يدعي عليه [ ص: 64 ] ضمان خمسمائة وهو ) أي المأمور ( ينكر ) والقول قول المنكر ( فإن كانت ) أي الجارية ( تساوي خمسمائة فالقول قول الآمر ; لأنه ) أي الوكيل ( خالف ) أي خالف الآمر إلى شر ( حيث اشترى جارية تساوي خمسمائة والأمر يتناول ما يساوي ألفا ) وأيضا فيه غبن فاحش ( فيضمن ) أي المأمور ; لأنه لا يملك أن يخالف الآمر إلى شر ولا أن يشتري بغبن فاحش .

( قال ) أي محمد في الجامع الصغير ( وإن لم يكن دفع إليه الألف ) واختلفا ( فالقول قول الآمر ، أما إذا كانت قيمتها ) أي قيمة الجارية ( خمسمائة فللمخالفة ) ولتحقيق الغبن الفاحش كما مر آنفا ( وإن كانت قيمتها ألفا ، فمعناه ) أي فمعنى قول محمد فالقول قول الآمر ( أنهما يتحالفان ) ويندفع به ما قيل في شروح الجامع الصغير : إن الجارية إذا كانت تساوي ألفا وجب أن تلزم الآمر سواء قال المأمور اشتريتها بألف أو بأقل منها ; لأنه إن اشتراها بألف كان موافقا للآمر ، وإن اشتراها بأقل منها كان مخالفا إلى خير ، وكل ذلك يلزم الآمر ، كذا في العناية وغيرها . أقول : بقي هاهنا شيء ، وهو أن المذكور في قول محمد فالقول قول الآمر والتحالف يخالفه فكيف يكون هذا معنى ذاك ؟ والجواب الذي أشار إليه المصنف في المسألة الآتية بقوله وقد ذكر معظم يمين التحالف وهو يمين البائع لا يتمشى هنا كما لا يخفى على المتأمل .

قال المصنف ( لأن الموكل والوكيل في هذا ) أي في هذا الفصل ( ينزلان منزلة البائع والمشتري ) للمبادلة الحكمية بينهما ( وقد وقع الاختلاف في الثمن وموجبه التحالف ثم يفسخ ) يعني فإذا تحالفا يفسخ ( العقد الذي جرى بينهما ) أي بين الموكل والوكيل وهو العقد الحكمي ( فتلزم الجارية المأمور ) قيل هنا مطالبة وهي أن الوكيل إذا قبض الثمن فوقع الاختلاف اعتبر فيه المخالفة والأمانة ، وإذا لم يقبض اعتبر فيه المخالفة والمبادلة فما الحكم في ذلك ؟ وأجيب بأن في الأول سبقت الأمانة المبادلة ، والسبق من أسباب الترجيح فاعتبرت فيه بخلاف الثاني




الخدمات العلمية