الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 47 ] قال ( وإن وكله بشراء عبد بغير عينه : فاشترى عبدا فهو للوكيل إلا أن يقول نويت الشراء للموكل أو يشتريه بمال الموكل ) قال : هذه المسألة على وجوه : إن أضاف العقد إلى دراهم الآمر كان للآمر وهو المراد عندي بقوله أو يشتريه بمال الموكل دون النقد من ماله ; لأن فيه تفصيلا وخلافا ، وهذا بالإجماع وهو مطلق . [ ص: 48 ] وإن أضافه إلى دراهم نفسه كان لنفسه حملا لحاله على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة [ ص: 49 ] إذ الشراء لنفسه بإضافة العقد إلى دراهم غيره مستنكر شرعا وعرفا . وإن أضافه إلى دراهم مطلقة ، فإن نواها للآمر فهو للآمر ، وإن نواها لنفسه فلنفسه ; لأن له أن يعمل لنفسه ويعمل للآمر في هذا التوكيل ، وإن تكاذبا في النية يحكم النقد بالإجماع ; لأنه دلالة ظاهرة على ما ذكرنا ، وإن توافقا على أنه لم تحضره النية قال محمد رحمه الله : هو للعاقد ; لأن الأصل أن كل أحد يعمل لنفسه إلا إذا ثبت جعله لغيره ولم يثبت . وعند أبي يوسف رحمه الله : يحكم النقد ; لأن ما أوقعه مطلقا يحتمل الوجهين [ ص: 50 ] فيبقى موقوفا ، فمن أي المالين نقد فقد فعل ذلك المحتمل لصاحبه ولأن مع تصادقهما يحتمل النية للآمر ، وفيما قلنا حمل حاله على الصلاح كما في حالة التكاذب . [ ص: 51 ] والتوكيل بالإسلام في الطعام على هذه الوجوه

التالي السابق


( قال ) أي القدوري في مختصره ( وإن وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى عبدا فهو للوكيل إلا أن يقول نويت الشراء للموكل أو يشتريه بمال الموكل ) إلى هنا لفظ القدوري ( قال ) أي المصنف ( هذه المسألة على وجوه : إن أضاف ) أي الوكيل ( العقد إلى دراهم الآمر كان للآمر ) هذا هو الوجه الأول من وجوه هذه المسألة .

وقال المصنف ( وهو المراد عندي بقوله أو يشتريه بمال الموكل دون النقد من ماله ) يعني أن المراد بقول القدوري أو يشتريه بمال الموكل هو الإضافة عند العقد إلى دراهم الموكل دون النقد من مال الموكل بغير إضافة إليه ( لأن فيه ) أي ; لأن في النقد من مال الموكل ( تفصيلا ) فإنه بعد أن يشتريه بدراهم مطلقة ، إن نقد من دراهم الموكل كان الشراء للموكل ، وإن نقد من دراهم الوكيل كان الشراء للوكيل ( وخلافا ) فإنه إذا تصادقا على أنه لم تحضره النية وقت الشراء فعلى قول محمد العقد للوكيل ، وعلى قول أبي يوسف يحكم النقد على ما سيجيء ( وهذا بالإجماع ) أي لو أضاف العقد إلى دراهم الآمر يقع له بالإجماع ( وهو مطلق ) أي قوله أو يشتريه بمال الموكل مطلق لا تفصيل فيه فيحمل على الإضافة إلى مال الموكل ، كذا قال جمهور الشراح في شرح هذا المقام .

أقول : فيه نظر ; لأنهم حملوا التفصيل المذكور في قول المصنف ; لأن فيه تفصيلا ، على أنه إن نقد من دراهم الموكل كان الشراء له ، وإن كان من دراهم الوكيل كان الشراء له ، وليس بصحيح ; لأن ذلك تفصيل للنقد المطلق لا للنقد من مال الموكل كما لا يخفى ، وما يصلح لترجيح كون المراد بقول القدوري أو يشتريه بمال الموكل الإضافة إلى دراهم الموكل دون النقد من ماله إنما هو وقوع التفصيل في النقد من مال الموكل لا وقوعه في النقد المطلق ، إذ لا مساس له بكلام القدوري ، فإن المذكور فيه مال الموكل دون مطلق المال . ثم إن صاحب العناية قد سلك المسلك المذكور في شرح هذا المقام وزاد إخلالا حيث قال بعد أن ذكر وجوه هذه المسألة : وإذا علمت هذه الوجوه ظهر لك أن في النقد من مال الموكل تفصيلا إذا اشترى بدراهم مطلقة ولم ينو لنفسه ، إن نقد من دراهم الموكل كان الشراء له ، وإن نقد من دراهم الوكيل كان له ، وإن نواه للموكل لا معتبر بالنقد انتهى .

فإن قوله : " ولم ينو لنفسه " قيد مفسد هاهنا ; لأنه إذا لم ينو لنفسه ، فإن نوى للموكل لا يعتبر النقد أصلا كما صرح به ، فلا يصح التفصيل الذي ذكره بقوله إن نقد من دراهم الموكل كان الشراء له ، وإن نقد من دراهم الوكيل كان له ، وإن لم ينو للموكل أيضا كان له صدق ذلك التفصيل على قول أبي يوسف رحمه الله فقط ، إذ على قول محمد يكون العقد حينئذ للوكيل كما سيجيء ، فكان ما ذكره صاحب العناية مناسبا لشرح قول المصنف وخلافا لشرح قوله تفصيلا . وأيضا أنه بعدما صرح أن التفصيل إنما هو في النقد من مال الموكل حيث قال ظهر لك أن في النقد من مال الموكل تفصيلا كيف يتيسر له بيان ذلك التفسير في النقد المطلق بأن قال : إن نقد من دراهم الموكل كان الشراء له ، وإن نقد من دراهم الوكيل كان له . والحاصل أن الركاكة تقرير صاحب العناية أفحش . وأقول : الحق في هذا المقام أن المصنف أراد بالتفصيل في قوله ; لأن فيه تفصيلا وخلافا صورتي التكاذب والتوافق ، وبالخلاف الخلاف الواقع في صورتي التوافق ; فالمعنى أن في النقد من مال الموكل تفصيلا ، فإنه إذا نقد من ماله فإذا تكاذبا في النية يحكم النقد [ ص: 48 ] بالإجماع ، وإن توافقا على أنه لم تحضره النية فعند محمد هو للعاقد ، وعند أبي يوسف يحكم النقد أيضا ، وخلافا فإنه إذا نقد من ماله وتوافقا على عدم النية لأحدهما ، فعند محمد هو للعاقد ، وعند أبي يوسف يحكم النقد ، بخلاف الإضافة إلى دراهم الآمر فإنه لا تفصيل ولا خلاف فيها ، فكان حمل كلام القدوري عليها أولى .

ثم أقول : بقي لنا بحث فيما ذهب إليه المصنف هاهنا ، وهو أن فيه إخلالا بأصل المسألة ، فإن صورة إن أضاف العقد إلى دراهم مطلقة وتكاذبا في النية لا تكون داخلة حينئذ في شيء من قسمي الاستثناء المذكور في كلام القدوري ، فيلزم أن يكون العقد في تلك الصورة للوكيل ألبتة بموجب ما بقي في الكلام بعد الاستثناء مع أنه يحكم النقد فيها بالإجماع . ففيما نقد من مال الموكل يصير العقد له قطعا ، وإن صورة إن أضاف العقد إلى دراهم مطلقة وتوافقا على أنه لم تحضره النية لا تكون داخلة أيضا حينئذ في شيء من قسمي الاستثناء المذكور ، فيلزم أن يكون العقد فيها أيضا للوكيل بموجب ما بقي بعد الاستثناء مع أن فيها خلافا كما سيأتي ، فيلزم حمل كلام القدوري على ما فيه الخلاف ولم يقبله المصنف .

وبالجملة قد هرب المصنف في حل كلام القدوري هاهنا عن ورطة ووقع في ورطة أخرى مثل الأولى بل أشد منها فما الفائدة فيه ؟ ولعل صاحب الكافي تفطن لذلك حيث زاد الاستثناء في وضع المسألة فقال : ولو وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى عبدا فهو للوكيل إلا أن يقول نويت الشراء للموكل أو يشتريه بمال الموكل أو ينقد من ماله ، وقال : فهذه المسألة على وجوه : إن أضاف العقد إلى دراهم الآمر كان للآمر وهو المراد بقوله أو يشتريه من مال الموكل إلى آخره ( وإن أضافه إلى دراهم نفسه ) أي إن أضاف الوكيل العقد إلى دراهم نفسه ( كان ) أي العقد ( لنفسه ) هذا هو الوجه الثاني من وجوه هذه المسألة ( حملا لحاله ) أي حال الوكيل ( على ما يحل له شرعا ) تعليل لقوله إن أضاف العقد إلى دراهم الآمر كان للآمر : يعني أنه إذا أضاف العقد إلى دراهم الآمر ينبغي أن يقع للآمر ; لأنه لو لم يقع للآمر لكان واقعا للوكيل ، فلو وقع له كان غاصبا لدراهم الآمر ، وهو لا يحل شرعا . كذا قال صاحب النهاية وعليه عامة الشراح .

أقول : فيه نظر ; لأن الغصب إنما يلزم لو نقد من دراهم الآمر ، وأما إذا أضاف إلى دراهم الآمر ولكن لم ينقد من دراهمه بل نقد من دراهم نفسه فلا يلزم الغصب قطعا . وجواب مسألة الإضافة إلى دراهم الآمر متحد في الصورتين نص عليه في الذخيرة ونقل عنها في النهاية فلا يتم التقريب ( أو يفعله عادة ) عطف على قوله يحل له شرعا وتعليل لقوله وإن أضافه إلى دراهم نفسه كان لنفسه : يعني أن العادة جرت بأن الشراء إذا كان مضافا إلى دراهم معينة يقع لصاحب الدراهم فلما أضاف العقد هاهنا إلى دراهم نفسه وقع له حملا لأمره على وفق العادة في النهاية وعليه العامة .

قال تاج الشريعة بعد أن جرى في شرح كلام المصنف هاهنا على الطريقة المذكورة : وهي توزيع التعليل المزبور على المسألتين ، ويجوز أن يكون التعليلان للمسألة الأولى ، والحكم في المسألة الثانية يثبت بطريق الدلالة ; لأنه كما لا يحل له أن يشتري لنفسه ويضيف العقد إلى دراهم غيره شرعا فكذا لا يحل له أن يشتري لغيره ويضيفه إلى دراهم نفسه . وأما العادة [ ص: 49 ] فجارية على أنه لا يشتري لغيره ويضيفه إلى دراهم نفسه ، وكذا على العكس انتهى . وقال صاحب العناية بعد أن سلك الطريقة المذكورة : ويجوز أن يكون قوله حملا لحاله على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة دليلا على الوجه الأول ، والثاني يعلم بالدلالة ، فإنه ، كما لا يحل له أن يشتري لنفسه ويضيف العقد إلى دراهم غيره شرعا فكذا لا يحل له أن يشتري لغيره ويضيفه إلى دراهم نفسه والعادة مشتركة لا محالة . ثم قال : والأول أولى ; لأن بالأول يصير غاصبا دون الثاني فلا امتناع فيه شرعا انتهى .

أقول : إن قول المصنف ( إذ الشراء لنفسه بإضافة العقد إلى دراهم غيره مستنكر شرعا وعرفا ) ينادي بأعلى الصوت على أن التعليل المزبور بشقيه معا للوجه الأول كما لا يخفى على ذي فطرة سليمة ; فالأولى أن يجعل مجموع قوله حملا لحاله على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة دليلا على الوجه الأول ، ويكتفي في العلم بالوجه الثاني بدلالة شقه الثاني : أعني قوله أو يفعله عادة على ذلك . والإنصاف أن في تحرير المصنف هنا تعقيدا واضطرابا كما ترى ، ولهذا تحير الشراح في حله الوافي وشرحه الكافي ( وإن أضافه ) أي العقد ( إلى دراهم مطلقة ) هذا هو الوجه الثالث من وجوه هذه المسألة ، وفيه تفصيل أشار إليه بقوله ( فإن نواها ) أي الدراهم المطلقة ( للآمر فهو ) أي العقد ( للآمر ، وإن نواها لنفسه فلنفسه ) أي فالعقد لنفسه ( لأن له أن يعمل لنفسه ويعمل للآمر في هذا التوكيل ) أي في التوكيل بشراء عبد بغير عينه فكانت نيته معتبرة .

أقول : لقائل أن يقول : إذا نواها لنفسه ولكن نقد من دراهم الآمر ينبغي أن يكون العقد للآمر لئلا يلزم المحذور الذي ذكروه فيما إذا أضاف العقد إلى دراهم الآمر من كونه غاصبا لدراهم الآمر . فإن قلت : الغصب في صورة الإضافة إلى دراهم الآمر في ضمن نفس العقد فيبطل العقد ببطلانه ، وأما في الصورة المذكورة ففي النقد من دراهم الآمر وهو خارج عن نفس العقد فلا يلزم من بطلانه بطلان العقد فافترقت الصورتان . قلت : الغصب إزالة اليد المحقة بإثبات اليد المبطلة ، ولا شك أن هذا لا يتحقق في نفس الإضافة إلى دراهم الآمر بل يتحقق في النقد من دراهمه فهو لم يوجد في ضمن نفس العقد في شيء من الصورتين المذكورتين ، بل إنما وجد في النقد من دراهم الآمر وهو خارج عن نفس العقد في تينك الصورتين معا فلا يتم الفرق تدبر ( وإن تكاذبا ) أي الوكيل والموكل ( في النية ) فقال الوكيل نويت لنفسي وقال الموكل نويت لي ( يحكم النقد بالإجماع ) فمن مال من نقد الثمن كان المبيع له ( لأنه ) أي النقد ( دلالة ظاهرة على ما ذكرناه ) من حمل حاله على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة ( وإن توافقا على أنه لم تحضره النية ) ففيه اختلاف بين أبي يوسف ومحمد .

( قال محمد : هو ) أي العقد ( للعاقد ; لأن الأصل أن كل أحد يعمل لنفسه ) يعني أن الأصل أن يعمل كل أحد لنفسه ( إلا إذا ثبت جعله ) أي جعل العمل ( لغيره ) بالإضافة إلى ماله أو بالنية له ( ولم يثبت ) أي والفرض أنه لم يثبت ( وعند أبي يوسف يحكم النقد ; لأن ما أوقعه مطلقا ) أي من غير تعيين بنيته ( يحتمل الوجهين ) وهما أن يكون العقد للآمر وأن يكون [ ص: 50 ] لنفسه ( فيبقى موقوفا ، فمن أي المالين نقد فقد فعل ذلك المحتمل لصاحبه ) فتعين أحد المحتملين ( ولأن مع تصادقهما ) على أنه لم تحضره النية ( يحتمل النية للآمر ) بأن نوى له ونسيه ( وفيما قلنا ) أي في تحكيم النقد ( حمل ) أي حال الوكيل ( على الصلاح ) وهو أن لا يكون غاصبا على تقدير النقد من مال الآمر ( كما في حالة التكاذب ) بقي الكلام في هذه المسألة وهو أن الإضافة إلى أي نقد كان ينبغي أن لا تقيد شيئا ; لأن النقود لا تتعين بالتعيين . وأجيب عن ذلك بأنا لا نقول إن الشراء بتلك الدراهم يتعين ، وإنما نقول الوكالة تتقيد بما على ما سيجيء من أن النقود تتعين في الوكالات ، ألا ترى أنها لو هلكت قبل الشراء بها بطلت الوكالة ، وإذا تقيدت بها لم يكن الشراء بغيرها من موجبات الوكالة ، كذا في العناية وعليه جمهور الشراح ، ومأخذهم المبسوط .

أقول : في الجواب بحث وهو أن النقود لا تتعين في الوكالات قبل التسليم بالإجماع ، وكذا بعده عند عامة المشايخ ، وإنما تتعين بعده عند بعضهم على قول أبي حنيفة رحمه الله ، صرح به في عامة المعتبرات ، وسيظهر لك فيما سيجيء عن قريب . وجواب مسألة الإضافة إلى دراهم الآمر وإلى دراهم نفسه غير مقيد بكون الإضافة بعد التسليم وغير مختص بقول أبي حنيفة بل هو مطلق ، وبالإجماع كما تقرر فيما مر فكيف يتم أن يجعل مداره ما هو المقيد والمختلف فيه ؟ وكأن الإمام الزيلعي تنبه لهذا حيث قال في شرح الكنز في تعليل مسألة الإضافة إلى ثمن معين : لأن الثمن وإن كان لا يتعين لكن فيه شبهة التعين من حيث سلامة المبيع به ، وقد تعين قدره ووصفه ولهذا لا يطيب له الربح إذا اشترى بالدراهم المغصوبة انتهى . لكنه لم يأت أيضا بما يشفي الغليل هاهنا كما ترى .

ثم أقول : الأولى في الجواب أن يقال : ليس العلة في كون العقد لمن أضافه إلى دراهمه تعين النقود بالتعيين بل حمل حاله على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة كما مر مبينا ومشروحا ، فلا ضير لعدم تعين النقود بالتعيين في مسألتنا هذه ، وقد أشار إليه صاحب الكافي حيث قال : والدراهم وإن لم تتعين لكن الظاهر أن المسلم لا يضيف شراء الشيء لنفسه إلى دراهم الغير ; لأنه مستنكر [ ص: 51 ] شرعا وعرفا انتهى . قال المصنف ( والتوكيل بالإسلام في الطعام على هذه الوجوه ) المذكورة في التوكيل بالشراء وفاقا وخلافا ; وإنما خصه بالذكر مع استفادة حكمه من التوكيل بالشراء نفيا لقول بعض مشايخنا : فإنهم قالوا في مسألة الشراء إذا تصادقا أنه لم تحضره النية فالعقد للوكيل إجماعا ولا يحكم النقد . وإنما الخلاف بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله في مسألة التوكيل بالإسلام وهم فرقوا بين مسألة الشراء والسلم على قول أبي يوسف بأن للنقد أثرا في تنفيذ السلم ، فإن المفارقة بلا نقد تبطل السلم ، فإذا جهل من له العقد يستبان بالنقد ، وليس الشراء كذلك فكان العقد للعاقد عملا بقضية الأصل . كذا في الشروح . وفرق أبو يوسف بين هذا وبين المأمور بالحج عن الغير إذا أطلق النية عند الإحرام فإنه يكون عاقدا لنفسه فإن الحج عبادة والعبادات لا تتأدى إلا بالنية فكان مأمورا بأن ينوي الحج عن المحجوج عنه ولم يفعل فصار مخالفا بترك ما هو الشرط .

وأما في المعاملات فالنية ليست بشرط فلا يصير بترك النية عن الآمر مخالفا فيبقى حكم عقده موقوفا على النقد كذا في باب الوكالة بالسلم من بيوع المبسوط




الخدمات العلمية