الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وإذا وكله ببيع عبد فباع نصفه جاز عند أبي حنيفة رحمه الله ) ; لأن اللفظ مطلق عن قيد الافتراق والاجتماع ; ألا ترى أنه لو باع الكل بثمن النصف يجوز عنده فإذا باع النصف به أولى ( وقالا : لا يجوز ) ; لأنه غير متعارف لما فيه من ضرر الشركة ( إلا أن يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما ) ; لأن بيع النصف قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن لا يجد من يشتريه جملة فيحتاج إلى أن يفرق ، فإذا باع الباقي قبل نقض البيع الأول تبين أنه وقع وسيلة ، وإذا لم يبع ظهر أنه لم يقع وسيلة فلا يجوز ، وهذا استحسان عندهما .

التالي السابق


( قال ) أي محمد رحمه الله في الجامع الصغير ( وإذا وكله ) أي إذا وكل رجل رجلا ( ببيع عبد ) أي ببيع عبد له ، وفي بعض النسخ ببيع عبده ( فباع نصفه جاز عند أبي حنيفة ) إنما وضع المسألة في العبد ليترتب عليه الاختلاف المذكور ، ; لأنه إذا باع نصف ما وكل بيعه وليس في تفريقه ضرر كالحنطة والشعير يجوز بالاتفاق ، ذكره في الإيضاح .

قال المصنف ( لأن اللفظ مطلق عن قيد الافتراق والاجتماع ) فيجري على إطلاقه ، ونور ذلك بقوله ( ألا ترى أنه لو باع الكل ) أي كل العبد ( بثمن النصف يجوز عنده ) أي عند أبي حنيفة ( فإذا باع النصف به ) أي بذلك الثمن ( أولى ) أي فهو أولى ; لأن إمساك البعض مع بيع البعض بمقدار من الثمن أنفع للآمر من بيع الكل بذلك الثمن . وإنما قيد بقوله عنده ; لأنه لا يجوز عندهما لكونه غبنا فاحشا .

فإن قيل : إنما جاز بيع الكل بثمن النصف ; لأنه لم يتضمن عيب الشركة ، وأما بيع النصف فيتضمن ذلك فكان هذا مخالفة من الوكيل إلى شر فينبغي أن لا ينفذ على الموكل . قلنا : ضرر الشركة أقل وأهون من ضرر بيع الكل بثمن النصف ، فإذا جاز هذا على قوله فلأن يجوز ذلك وهو أهون أولى ( وقالا : لا يجوز ) أي لا يجوز بيع نصف ذلك العبد ( لأنه غير متعارف ) يعني أن التوكيل ببيع العبد ينصرف إلى المتعارف ، وبيع النصف غير متعارف ( ولما فيه من ضرر الشركة ) ; لأنها عيب ( إلا أن يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما ) أي الموكل والوكيل ( لأن بيع النصف قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن لا يجد من يشتريه جملة فيحتاج إلى أن يفرق ، فإذا باع الباقي قبل نقض البيع الأول تبين أنه ) أي البيع الأول ( وقع وسيلة ) إلى الامتثال ( وإذا لم يبع ) الباقي ( ظهر أنه ) أي البيع الأول ( لم يقع وسيلة ) إلى الامتثال ( فلا يجوز ، وهذا ) أي كون البيع موقوفا إلى أن يبيع النصف الآخر قبل الخصومة ( استحسان عندهما ) إذ القياس أن لا يتوقف لثبوت المخالفة ببيع النصف ، كذا في معراج الدراية .

وقال الزيلعي في التبيين : وقولهما استحسان ، والقياس ما قاله أبو حنيفة [ ص: 86 ] رحمه الله ا هـ . والمعنى الأول أنسب بعبارة الهداية كما لا يخفى على الفطن




الخدمات العلمية