الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 296 ] ( فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت الاستيلاد في الأم ) لأنها تابعة للولد ولم يثبت نسبه بعد الموت لعدم حاجته إلى ذلك فلا يتبعه استيلاد الأم ( وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر يثبت النسب في الولد وأخذه البائع ) ; لأن الولد هو الأصل في النسب فلا يضره فوات التبع ، وإنما كان الولد أصلا لأنها تضاف إليه يقال أم الولد ، وتستفيد الحرية من جهته لقوله عليه الصلاة والسلام { أعتقها ولدها } والثابت لها حق الحرية وله حقيقتها ، والأدنى يتبع الأعلى ( ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة . وقالا : يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم ) لأنه تبين أنه باع أم ولده ، [ ص: 297 ] وماليتها غير متقومة عنده في العقد والغصب فلا يضمنها المشتري ، وعندهما متقومة فيضمنها .

التالي السابق


( فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر ) أي والحال أنها جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر ( لم يثبت الاستيلاد في الأم ) هذا لفظ القدوري في مختصره . قال المصنف في تعليله : ( لأنها ) أي لأن الأم ( تابعة للولد ) أي في هذا الباب على ما سيجيء بيانه ( ولم يثبت نسبه ) أي نسب الولد ( بعد الموت لعدم حاجته إلى ذلك ) أي لعدم حاجة الولد إلى النسب بعد الموت ( فلا يتبعه استيلاد الأم ) لعدم تصور ثبوت الحكم في التبع بدون ثبوته في المتبوع ( وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر يثبت النسب في الولد وأخذه البائع ) هذا أيضا القدوري في مختصره .

قال المصنف في تعليله : ( لأن الولد هو الأصل في النسب فلا يضره فوات التبع ) يعني أن الولد لما كان هو الأصل كان المعتبر بقاءه لحاجته إلى ثبوت النسب ، ولا يضره فوات التبع لأن تعذر الفرع لا يبطل الأصل ، بخلاف العكس ( وإنما كان الولد أصلا لأنها ) أي لأن الأم ( تضاف إليه ) أي إلى الولد حيث ( يقال أم الولد ) والإضافة إلى الشيء أمارة أصالة المضاف إليه ( وتستفيد الحرية من جهته ) عطف على تضاف إليه : أي وتستفيد الأم الحرية من جهة الولد { لقوله عليه الصلاة والسلام : أعتقها ولدها قاله حين قيل له وقد ولدت مارية القبطية إبراهيم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعتقها ؟ } ( والثابت لها ) أي ولأن الثابت للأم ( حق الحرية ) وهو أمومية الولد ( وله ) أي والثابت للولد ( حقيقتها ) أي حقيقة الحرية ( والأدنى يتبع الأعلى ) دائما دون العكس ، فحق الحرية الذي هو الأدنى يتبع الحرية التي هي الأعلى دون العكس ( ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة ، وقالا : يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم ) وهذا من تمام لفظ القدوري الذي ذكر فيما مر آنفا .

قال المصنف ( لأنه تبين أنه باع أم ولده ) أي تبين بثبوت نسب الولد من البائع أنه باع أم ولده وبيعها باطل [ ص: 297 ] وماليتها ) أي ولكن مالية أم الولد ( غير متقومة عنده ) أي عند أبي حنيفة ( في العقد والغصب فلا يضمنها المشتري وعندهما ) أي عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ( متقومة فيضمنها ) أي فيضمنها المشتري ، فإذا رد الولد دونها يجب على البائع رد حصة ما سلم له وهو الولد كي لا يجتمع البدل والمبدل ، ولا يجب عليه رد حصة ما لم يسلم له وهي الأم . قال الإمام الزيلعي في التبيين بعدما بين المقام بهذا المنوال : هكذا ذكروا الحكم في قولهما ، وكان ينبغي أن يرد البائع جميع الثمن عندهما أيضا ثم يرجع بقيمة الأم ; لأنه لما ثبت نسب الولد منه تبين أنه باع أم ولده وبيع أم الولد غير صحيح بالإجماع فلا يجب فيه الثمن ولا يكون لأجزاء المبيع منه حصة ، بل يجب على كل واحد من المتعاقدين رد ما قبضه إن كان باقيا وإلا فبدله انتهى فتأمل




الخدمات العلمية