الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق ) لما روينا ، وقيل في زماننا إذا ألح الخصم ساغ للقاضي أن يحلف بذلك لقلة المبالاة باليمين بالله وكثرة الامتناع بسبب الحلف بالطلاق .

التالي السابق


. ( قال ) أي القدوري في مختصره ( ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق لما روينا ) وهو قوله عليه الصلاة والسلام { من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر } ( وقيل في زماننا إذا ألح الخصم ساغ للقاضي أن يحلف بذلك ) أي بالطلاق أو بالعتاق ( لقلة المبالاة باليمين بالله وكثرة الامتناع بسبب الحلف بالطلاق ) أقول : يرد عليه أن هذا تعليل في مقابلة النص وهو قوله عليه الصلاة والسلام { من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر } فلا يصح على ما عرف في موضعه . وفي فتاوى قاضي خان : وإن أراد المدعي تحليفه بالطلاق والعتاق في ظاهر الرواية لا يجيبه القاضي إلى ذلك لأن التحليف بالطلاق والعتاق ونحو ذلك حرام . وبعضهم جوزوا ذلك في زماننا ، والصحيح ظاهر الرواية انتهى . وفي الذخيرة : التحليف بالطلاق والعتاق والأيمان المغلظة لم يجوزه أكثر مشايخنا وأجازه البعض ، فيفتى بأنه يجوز إن مسته الضرورة ، وإذا بالغ المستفتي في الفتوى يفتي بأن الرأي إلى القاضي انتهى .

وفي فصول الأسروشني : ولو حلف القاضي بالطلاق فنكل لا يقضي عليه بالنكول لأنه نكل عما هو منهي عنه شرعا انتهى . وفي الخلاصة : التحليف بالطلاق والعتاق والأيمان المغلظة لا يجوزه أكثر مشايخنا فإن مست الضرورة يفتى بأن الرأي إلى القاضي ، فلو حلف القاضي بالطلاق فنكل وقضى بالمال لا ينفذ قضاؤه انتهى . أقول : قد تلخص من هذه المذكورات كلها أن للقاضي أن يحلف بالطلاق والعتاق عند إلحاح الخصم ، وأن يفتي بجواز ذلك إن مسته الضرورة ، ولكن ليس له أن يقضي بالنكول عنه ، وإن قضى به لا ينفذ قضاؤه وعن هذا قال صاحب العناية : ولكنهم قالوا : إن نكل عن اليمين به لا يقضي عليه بالنكول لأنه نكل عما هو منهي عنه شرعا ، ولو قضى به لا ينفذ قضاؤه انتهى .

لكن فيه إشكال لأن فائدة التحليف القضاء بالنكول ، فإذا لم يجز القضاء بالنكول عما ذكر فكيف يجوز التحليف به ، ألا يرى إلى ما مر في بيان دليل أبي حنيفة على عدم جواز الاستحلاف في الأشياء العديدة عنده من أن النكول بذل والبذل لا يجري في هذه الأشياء ، وفائدة الاستحلاف القضاء بالنكول فلا يستحلف فيها حيث جعلوا عدم [ ص: 197 ] ترتب فائدة الاستحلاف وهو القضاء بالنكول علة لعدم جواز الاستحلاف في الأشياء المذكورة عنده فتأمل .




الخدمات العلمية