الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن مات أحدهما واختلفت ورثته مع الآخر فما يصلح للرجال والنساء فهو للباقي منهما ) لأن اليد للحي دون الميت ، وهذا الذي ذكرناه قول أبي حنيفة . [ ص: 237 ] وقال أبو يوسف : يدفع إلى المرأة ما يجهز به مثلها ، والباقي للزوج مع يمينه لأن الظاهر أن المرأة تأتي بالجهاز وهذا أقوى فيبطل به ظاهر يد الزوج ، ثم في الباقي لا معارض لظاهر فيعتبر ( والطلاق والموت سواء ) لقيام الورثة مقام مورثهم ( وقال محمد : وما كان للرجال فهو للرجل ، وما كان للنساء فهو للمرأة ، وما يكون لهما فهو للرجل أو لورثته ) لما قلنا لأبي حنيفة ( والطلاق والموت سواء ) لقيام الوارث مقام المورث ( وإن كان أحدهما مملوكا فالمتاع للحر في حالة الحياة ) لأن يد الحر أقوى ( وللحي بعد الممات ) [ ص: 238 ] لأنه لا يد للميت فخلت يد الحي عن المعارض ( وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : العبد المأذون له في التجارة والمكاتب بمنزلة الحر ) لأن لهما يدا معتبرة في الخصومات .

التالي السابق


( فإن مات أحدهما واختلفت ورثته مع الآخر فما يصلح للرجال والنساء فهو للباقي منهما ) أيهما كان ( لأن اليد للحي دون الميت ) أي لا يد للميت ( وهذا الذي ذكرناه ) يعني من حيث الجملة لا من حيث التفصيل ( قول أبي حنيفة ) لأن المذكور من حيث التفصيل ليس قوله خاصة ، فإن كون ما يصلح للرجال فهو للرجل وما [ ص: 237 ] يصلح للنساء فهو للمرأة بالإجماع فلا اختصاص له بذلك ، كذا في العناية ( وقال أبو يوسف : يدفع إلى المرأة ما يجهز به مثلها ) وهذا الذي ذكره أبو يوسف في المشكل ، وأما فيما يختص به كل واحد من الزوجين فقوله كقولهما من غير اعتبار مثلها ، هكذا ذكر في المبسوط وشروح الجامع الصغير ، وفي لفظ الكتاب نوع تخليط حيث لم يذكر قول أبي يوسف هذا فيما ذكر قولهما في حق المشكل ، وكان من حقه أن يقول : وما يصلح لهما كالآنية فهو للرجل .

وقال أبو يوسف : يدفع للمرأة ما يجهز به مثلها ، كذا في النهاية ومعراج الدراية ( والباقي ) أي من المشكل ( للزوج مع يمينه لأن الظاهر أن المرأة تأتي بالجهاز ) تعليل لقوله يدفع إلى المرأة ما يجهز به مثلها ( وهذا أقوى ) أي هذا الظاهر ، وهو أن المرأة تأتي بالجهاز ظاهر قوي لجريان العادة بذلك ( فيبطل به ظاهر يد الزوج ) وهو يده ( ثم في الباقي لا معارض لظاهره ) أي لظاهر الزوج ( فيعتبر ) وقوله ثم في الباقي إلى هنا تعليل لقوله والباقي للزوج مع يمينه ( والطلاق والموت سواء ) أي عند أبي يوسف ( لقيام الورثة مقام مورثهم ) .

وقال محمد : ما كان للرجال فهو للرجل ، وما كان للنساء فهو للمرأة ، وما يكون لهما فهو ( للرجل ) أي إن كان حيا ( أو لورثته ) إن كان ميتا ( لما قلنا لأبي حنيفة ) من الدليل وهو أن المرأة وما في يدها في يد الزوج والقول لصاحب اليد ، وهذا بالنسبة إلى الحياة وأما بالنسبة إلى الممات فقوله ( والطلاق والموت سواء لقيام الوارث مقام المورث ) وذكر في الفوائد : محمد يقول : ورثة الزوج يقومون مقام الزوج لأنهم خلفاؤه في ماله ; فكما أن في المشكل القول في حياته فكذلك بعد مماته كان القول قول ورثته ، وأبو حنيفة يقول : يد الباقي منهما إلى المتاع أسبق ، لأن الوارث إنما يثبت يده بعد موت المورث ، وكما يقع الترجيح فيما نحن فيه بقوة اليد نظرا إلى صلاحية الاستعمال فكذا يقع الترجيح بسبق اليد لأن يد الباقي منهما يد نفسه ويد الوارث خلف عن يد المورث ، فهذا نوع من الترجيح فكان المشكل للباقي منهما ، كذا في النهاية ومعراج الدراية ( وإن كان أحدهما ) أي أحد الزوجين ( مملوكا ) أي سواء كان محجورا أو مأذونا له أو مكاتبا ( فالمتاع للحر في حالة الحياة لأن يد الحر أقوى ) لكون اليد يد نفسه من كل وجه ويد المملوك لغيره من وجه وهو المولى والأقوى أولى ، ولهذا قلنا في الحرين ، فما يصلح للرجال فهو للرجل لقوة يده فيه ، وما يصلح للنساء فهو للمرأة لذلك ، كذا في العناية ( وللحي بعد الممات ) أي والمتاع للحي [ ص: 238 ] بعد الممات حرا كان الميت أو مملوكا ، هكذا وقع في عامة نسخ شروح الجامع الصغير .

وقال الإمام فخر الإسلام وشمس الأئمة : وللحر بعد الممات ، ثم قال شمس الأئمة : وقع في بعض النسخ : للحي منهما وهو سهو ، كذا في الشروح . واختار المصنف مختار العامة واستدل عليه بقوله ( لأنه لا يد للميت فخلت يد الحي عن المعارض ) فكان المتاع له ( وهذا ) أي ما ذكر من جواب المسألة بلا فصل بين العبد والمحجور والعبد المأذون والمكاتب ( عند أبي حنيفة وقالا : العبد المأذون له في التجارة والمكاتب بمنزلة الحر لأن لهما يدا معتبرة في الخصومات ) ولهذا لو اختصم الحر والمكاتب في شيء هو في أيديهما قضى به بينهما لاستوائهما في اليد ، ولو كان في يد ثالث وأقاما البينة استويا فيه ، فكما لا يترجح الحر بالحرية في سائر الخصومات فكذا في متاع البيت .

والجواب أن اليد على متاع البيت باعتبار السكنى فيه ، والحر في السكنى أصل دون المملوك فلا تعارض بينهما ، كذا في العناية .




الخدمات العلمية