الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 327 ] ( ولو قال : لفلان علي مال فالمرجع إليه في بيانه لأنه المجمل ويقبل قوله في القليل والكثير ) لأن كل ذلك مال فإنه اسم لما يتمول به ( إلا أنه لا يصدق في أقل من درهم ) [ ص: 328 ] لأنه لا يعد مالا عرفا ( ولو قال : مال عظيم لم يصدق في أقل من مائتي درهم ) لأنه أقر بمال موصوف فلا يجوز إلغاء الوصف والنصاب عظيم حتى اعتبر صاحبه غنيا به ، والغني عظيم عند الناس .

وعن أبي حنيفة أنه لا يصدق في أقل من عشرة دراهم وهي نصاب السرقة لأنه عظيم حيث تقطع به اليد المحترمة ، وعنه مثل جواب الكتاب ، [ ص: 329 ] وهذا إذا قال من الدراهم ، أما إذا قال من الدنانير فالتقدير فيها بالعشرين ، وفي الإبل بخمس وعشرين لأنه أدنى نصاب يجب فيه من جنسه وفي غير مال الزكاة بقيمة النصاب ( ولو قال : أموال عظام فالتقدير بثلاثة نصب من أي فن سماه ) اعتبارا لأدنى الجمع ( ولو قال : دراهم كثيرة لم يصدق في أقل من عشرة ) وهذا عند أبي حنيفة ( وعندهما لم يصدق في أقل من مائتين ) [ ص: 330 ] لأن صاحب النصاب مكثر حتى وجب عليه مواساة غيره ، بخلاف ما دونه .

[ ص: 331 ] وله أن العشرة أقصى ما ينتهي إليه اسم الجمع ، يقال عشرة دراهم ثم يقال أحد عشر درهما فيكون هو الأكثر من حيث اللفظ فينصرف إليه ( ولو قال دراهم فهي ثلاثة ) لأنها أقل الجمع الصحيح [ ص: 332 ] ( إلا أن يبين أكثر منها ) لأن اللفظ يحتمله وينصرف إلى الوزن المعتاد ( ولو قال : كذا كذا درهما لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما ) لأنه ذكر عددين مبهمين ليس بينهما حرف العطف وأقل ذلك من المفسر أحد عشر ( ولو قال : كذا وكذا درهما لم يصدق في أقل من أحد وعشرين ) لأنه ذكر عددين مبهمين بينهما حرف العطف ، وأقل ذلك من المفسر أحد وعشرون فيحمل كل وجه على نظيره [ ص: 333 ] ( ولو قال كذا درهما فهو درهم ) لأنه تفسير للمبهم [ ص: 334 ] ( ولو ثلث كذا بغير واو فأحد عشر ) لأنه لا نظير له سواه ( وإن ثلث بالواو فمائة وأحد وعشرون ، وإن ربع يزاد عليها ألف ) لأن ذلك نظيره .

التالي السابق


( ولو قال : لفلان علي مال فالمرجع إليه في بيانه ) وهذا لفظ القدوري في مختصره : يعني لو قال أحد في إقراره : لفلان علي مال فالرجوع إلى المقر في بيان قدر المال . قال المصنف في تعليله ( لأنه المجمل ) يعني أن المقر هو المجمل والرجوع في بيان المجمل إلى المجمل ( ويقبل قوله في القليل والكثير ) وهذا من تتمة كلام القدوري . قال المصنف في تعليله : ( لأن كل ذلك مال ، فإنه ) أي المال ( اسم لما يتمول به ) وذلك موجود في القليل والكثير ، ثم قال المصنف ( إلا أنه ) أي المقر ( لا يصدق في أقل من درهم ) والقياس أن يصدق فيه أيضا لأنه مال . وفي الاستحسان : لا يصدق فيه ، وجهه ترك الحقيقة [ ص: 328 ] بدلالة العرف ، وقد أشار إليه بقوله ( لأنه ) أي الأقل من درهم ( لا يعد مالا عرفا ) فإن ما دون الدرهم من الكسور ولا يطلق اسم المال عليه عادة ، كذا في المبسوط . قال الإمام علاء الدين الإسبيجابي في شرح الكافي للحاكم الشهيد : ولو قال له علي مال كان القول قوله فيه ودرهم مال . ثم قال : وهذا اللفظ يوهم أنه لا يقبل قوله إذا بين أقل من درهم . وقال بعضهم : ينبغي أن يقبل قوله في البيان لأن اسم المال منطلق على نصف درهم وسدس درهم كما ينطلق على الدرهم . ثم قال : والصحيح أنه لا يقبل لأن المال الذي يدخل تحت الالتزام والإقرار لا يكون أقل من درهم ، وهذا ظاهر في حكم العادة فحملنا عليه كلامه ا هـ .

وقال الناطفي في أجناسه : وفي نوادر هشام قال محمد رحمه الله : لو قال : لفلان علي مال له أن يقر بدرهم . ثم قال : وقال الهاروني : لو قال : لفلان علي مال هو على عشرة دراهم جياد ، ولا يصدق في أقل منه قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله . وقال أبو يوسف : يصدق في ثلاثة دراهم ولا يصدق في أقل منه ، إلى هنا لفظ الأجناس ( ولو قال مال عظيم لا يصدق في أقل من مائتي درهم ) هذا لفظ القدوري : يعني لو قال : لفلان علي مال عظيم فعليه ما يجب فيه الزكاة وهو مائتا درهم .

وقال الشافعي : هو مثل الأول قلنا : فيه إلغاء لوصف العظم فلا يجوز ، وقد أشار المصنف إليه بقوله ( لأنه أقر بمال موصوف ) أي موصوف بوصف العظم ( فلا يجوز إلغاء الوصف ) بل لا بد من البيان بما يعد عظيما عند الناس ( والنصاب ) مال ( عظيم ) في الشرع والعرف ، ( حتى اعتبر صاحبه غنيا به ) فأوجب عليه مواساة الفقراء ( والغني عظيم عند الناس ) فكان فيما قلنا رعاية حكم الشرع والعرف ، وهذا قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ، ولم يذكر محمد في الأصل قول أبي حنيفة في هذا الفصل فاختلفت رواية المشايخ عنه فيه ، فأراد المصنف بيان ذلك فقال ( وعن أبي حنيفة ) أي روي عنه ( أنه ) أي المقر في هذا الفصل ( لا يصدق في أقل من عشرة دراهم وهي نصاب السرقة ) ونصاب المهر أيضا ( لأنه ) أي لأن هذا النصاب ( عظيم حيث تقطع به اليد المحترمة ) ويستباح به البضع المحترم ( وعنه ) أي عن أبي حنيفة رحمه الله ( مثل جواب الكتاب ) أي مثل ما ذكر في مختصر القدوري من أنه لا يصدق في أقل من مائتي درهم .

قال في غاية البيان : وهو الصحيح لأنه لم يذكر عددا حتى تجب مراعاة اللفظ فيه فأوجبنا العظيم من حيث المعنى وهو المال الذي يجب فيه الزكاة لأنه أقل مال له خطر في الشرع ا هـ .

وذكره صاحب العناية أيضا بقيل خلا قوله لأنه أقل مال له خطر في الشرع . أقول : فيه بحث ; لأن التعليل المذكور لا يفيد كون ما في هذه الرواية هو الصحيح ; لأن إيجابنا العظيم من حيث المعنى أمر مقرر على كلتا الروايتين ، وإنما النزاع في أن ذلك العظيم ماذا ؟ هل هو نصاب الزكاة أم نصاب السرقة والمهر ؟ فقوله : وهو المال الذي تجب فيه الزكاة غير مسلم على الرواية الأخرى ، وكذا قوله لأنه أقل مال له خطر في الشرع ، إذ لصاحبها أن يقول : بل هو المال الذي يجب فيه قطع اليد المحترمة [ ص: 329 ] ويستباح به البضع المحترم وهو أقل مال له خطر في الشرع فلم يتم التقريب .

قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله : والأصح على قول أبي حنيفة أنه يبنى على حال المقر في الفقر والغنى ، فإن القليل عند الفقير عظيم ، وأضعاف ذلك عند الغني حقير ، وكما أن المائتين عظيم في حكم الزكاة فالعشرة عظيم في حكم قطع يد السارق ، وتقدير المهر بها فوقع التعارض فيرجع إلى حال المقر ، كذا في فتاوى قاضي خان وذكر في بعض الشروح ( وهذا ) أي ما ذكر من أنه لا يصدق في أقل من مائتي درهم ( إذا قال من الدراهم ) أي إذا قال له علي مال عظيم من الدراهم سواء قال كذلك ابتداء أو قال في الابتداء : له علي مال عظيم ، ثم بين مراده من المال العظيم بالدراهم فقول صاحبي النهاية ومعراج الدراية في شرح قول المصنف هذا إذا قال من الدراهم : أي بين وقال : إن مرادي بالمال العظيم الدراهم لا يخلو عن تقصير ( أما إذا قال من الدنانير ) أي إذا قال ذلك ابتداء أو ثانيا عند البيان ( فالتقدير فيها ) أي في الدنانير ( بالعشرين ) أي بعشرين مثقالا لأنه نصاب الزكاة في الذهب ( وفي الإبل بخمس وعشرين ) يعني وفيما إذا قال من الإبل يقدر بخمس وعشرين إبلا ( لأنه أدنى نصاب يجب فيه من جنسه ) كعشرين مثقالا في الدنانير ومائتي درهم في الدراهم .

والحاصل أنه إذا بين بجنس من أجناس الأموال الزكوية فالمعتبر أقل ما يكون نصابا في ذلك الجنس .

فإن قيل : ينبغي أن يقدر في الإبل بخمس لأنه تجب فيه شاة فكان صاحبها بها غنيا . قلنا : هي مال عظيم من وجه حتى يجب فيها الزكاة ، وليست بمال عظيم من وجه حتى لا يجب فيها من جنسها ، فاعتبرنا ما ذكرنا ليكون عظيما مطلقا إذ المطلق ينصرف إلى الكامل ، كذا في الكافي وبعض الشروح ( وفي غير مال الزكاة بقيمة النصاب ) يعني وفيما إذا بين بغير مال الزكاة يقدر بقيمة النصاب : أي بقدر النصاب قيمة ( ولو قال أموال عظام ) أي ولو قال : علي أموال عظام بصيغة الجمع ( فالتقدير بثلاثة نصب من أي فن سماه ) أي من أي نوع سماه ، حتى لو قال من الدراهم كان التقدير بستمائة درهم ، ولو قال من الدنانير كان بستين مثقالا ، ولو قال من الإبل كان بخمس وسبعين إلى غير ذلك من الأجناس ، وإنما كان كذلك ( اعتبارا لأدنى الجمع ) فإن أدنى الجمع ثلاثة فيحمل على ثلاثة أموال عظام وهو ثلاثة نصب من جنس ما سماه .

ولو قال : علي مال نفيس أو كريم أو خطير أو جليل قال الناطفي : لم أجده منصوصا ، وكان الجرجاني يقول يلزمه مائتان ، وكذا في النهاية ومعراج الدراية نقلا عن الإيضاح والذخيرة وفي غاية البيان نقلا عن الفتاوى الصغرى قال شمس الأئمة البيهقي في كفايته عن أبي يوسف : قال : لفلان علي دراهم مضاعفة يلزمه ستة ; لأن أقل الدراهم ثلاثة والتضعيف أقله مرة فيضعف مرة ، قال : له علي دراهم أضعافا مضاعفة أو قال مضاعفة أضعافا عليه ثمانية عشر لأن الأضعاف جمع الضعف فيضاعف ثلاث مرات فكانت تسعة ، وقوله مضاعفة يقتضي ضعف ذلك فيقتضي ثمانية عشر . وفي الصورة الثانية الدراهم المضاعفة ستة وأضعافها ثلاث مرات فيكون ثمانية عشر ، قال : علي عشرة دراهم وأضعافها مضاعفة عليه ثمانون درهما لأن أضعاف العشرة ثلاثون فإذا ضمت إلى العشرة كان أربعين فأوجبها مضاعفة فيكون ثمانين ( ولو قال دراهم كثيرة ) أي لو قال لفلان علي دراهم كثيرة ( لم يصدق في أقل من عشرة دراهم ) هذا لفظ القدوري . قال المصنف ( وهذا عند أبي حنيفة وعندهما لم يصدق في أقل من مائتين ) وعند الشافعي يصدق في ثلاثة دراهم ولا يصدق [ ص: 330 ] في أقل من ذلك ، وكذلك لو قال : لفلان علي دنانير كثيرة لم يصدق عند أبي حنيفة في أقل من عشرة دنانير وعندهما في أقل من عشرين مثقالا ، وعند الشافعي في أقل من ثلاثة دنانير ، كذا ذكر الخلاف شيخ الإسلام خواهر زاده في مبسوطه . وقال القدوري في كتاب التقريب : روى ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل قولهما .

وجه قول الشافعي أنه وصف الدراهم مثلا بصفة لا يمكن العمل بها وهي الكثرة فيلغو ذكرها ، وذلك لأن إثبات صفة الكثرة لمقدار من المقادير الكثيرة على التعيين غير ممكن ، لا باعتبار الحقيقة ولا باعتبار العرف ولا باعتبار الحكم . أما من حيث الحقيقة فلأن الكثرة أمر إضافي يصدق بعد الواحد على كل عدد . وأما من حيث العرف فلأن الناس متفاوتون في ذلك ، فكم من كثير عند قوم قليل عند الآخرين . وأما من حيث الحكم فلأن حكم الشرع يتعلق تارة بالعشرة عند البعض وبما دونه عند الآخر كما في نصاب السرقة والمهر ، ويتعلق تارة بالمائتين كما في نصاب الزكاة وحرمة الصدقة ، ويتعلق تارة بأكثر من مائتين كما في الاستطاعة في الحج في الأماكن البعيدة فلم يمكن العمل بها أصلا فإذا تعذر العمل بها لغا ذكرها فيعمل بقوله دراهم وينصرف إلى ثلاثة ، ووجه قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ما أشار إليه المصنف بقوله ( لأن صاحب النصاب ) يعني صاحب نصاب الزكاة ( مكثر حتى وجب عليه مواساة غيره ) بدفع زكاته والتصدق على الفقير ( بخلاف ما دونه ) أي بخلاف ما دون النصاب . فإن صاحبه مقل ولهذا لم يلزمه مواساة غيره . قال صاحب العناية في تقرير دليلهما : وقالا أمكن العمل بها : أي بالكثرة حكما لأن في النصاب كثرة حكمية فالعمل به أولى من الإلغاء ا هـ .

أقول : فيه نظر ; لأن نصاب الزكاة وإن كان له كثرة في ترتيب حكم وجوب الزكاة إلا أن نصاب السرقة والمهر وهو العشرة عندنا له أيضا كثرة في ترتيب حكم ثبوت قطع اليد واستباحة البضع ، وكذا الأكثر من المائتين مما يحصل به الاستطاعة في الحج من الأماكن البعيدة له كثرة في ترتيب حكم وجوب الحج فوقع التعارض بين هاتيك الكثرات الحكمية فلم يمكن العمل بإحداها على التعيين ، فقوله : لأن في النصاب كثرة حكمية لا يجدي شيئا وهو ظاهر ، وكذا قوله فالعمل به أولى من الإلغاء ; لأن أولوية العمل به من الإلغاء لا يستلزم أولوية العمل به من العمل بما فيه كثرة أخرى فلا يتم المطلوب وقال صاحب الغاية في تقرير دليلهما : ولأبي يوسف ومحمد أن العمل بهذه الصفة وإن تعذر من حيث الحقيقة والعرف كما قال الشافعي ، لكن أمكن العمل بها حكما ، ولا يلغى من كلام العاقل ما أمكن تصحيحه ، فيجب حمل الكثرة على الكثرة من حيث الحكم حتى لا تلغو هذه الصفة فصار كأنه قال : لفلان علي دراهم كثيرة حكما ، والدراهم الكثيرة حكما من كل وجه مائتا درهم لأنها كثيرة شرعا في حق القطع والمهر ووجوب الزكاة وحرمة الصدقة .

فأما العشرة إن كانت كثيرة في حق القطع وجواز النكاح ففي حق حرمة الصدقة ووجوب الزكاة قليلة ، ومطلق الاسم ينصرف إلى الكامل من ذلك الاسم لا إلى الناقص ، وأقل ما ينطلق عليه اسم الكثرة حكما من كل وجه مائتا درهم ، فأما العشرة بين القليل والكثير من حيث الحكم فكان ناقصا من حيث الكثرة حكما انتهى كلامه . أقول : فيه أيضا نظر ; لأن ما بسطه وإن أفاد في الظاهر أولوية حمل الدراهم الكثيرة على المائتين من حملها على العشرة لكن لم يفد أولوية حملها على المائتين من حملها على الأكثر من المائتين مما يترتب عليه حكم وجوب الحج من الأماكن البعيدة كما أدرجه نفسه أيضا في تقرير دليل الشافعي ، بل أفاد أولوية العكس لأن الأكثر من المائتين هو الذي تحقق فيه الكثرة حكما من كل وجه فإنه كثير في حق وجوب الحج أيضا من الأماكن البعيدة ، وأما المائتان فهو بين القليل والكثير بالنظر إلى حكم الحج [ ص: 331 ] من الأماكن البعيدة فكان ناقصا من حيث الكثرة حكما فلم يتم المطلوب تأمل ( وله ) أي ولأبي حنيفة رحمه الله ( أن العشرة أقصى ما ينتهي إليه اسم الجمع ) أي عند كونه مميزا للعدد ( يقال عشرة دراهم ثم يقال أحد عشر درهما ) يعني أن العدد إذا جاوز العشرة يصير مميزه مفردا لا جمعا ( فيكون ) أي العشرة ( هو الأكثر من حيث اللفظ ) أي من حيث دلالة اللفظ عليه ( فينصرف إليه ) لأن العمل بما دل عليه اللفظ إذا كان ممكنا ولم يوجد مانع من الصرف إليه لا يعدل إلى غيره ، كذا في العناية .

لا يقال : ينبغي أن يصدق فيما بين الثلاثة والعشرة لأنه كثير ; لأنا نقول : لما ذكر الكثرة صار كذكر الجنس فيستغرق اللفظ ما يصلح له ، كذا في غاية البيان . أقول : بقي هاهنا شيء ، وهو أن كون العشرة أقصى ما ينتهي إليه اسم الجمع إنما هو عند اقتران اسم الجمع بالعدد بأن يكون مميزا له كما نبهنا عليه آنفا ، لا عند انفراده عنه فإنه يجوز أن يراد بجمع الكثرة حال الانفراد ما فوق العشرة إلى ما لا نهاية له كما لا يخفى على العارف باللغة ، ومسألتنا مفروضة في حال انفراد الدراهم عن ذكر العدد ، فما معنى اعتبار حكم خال الاقتران فيها ألبتة ؟ قال صدر الشريعة في شرح الوقاية في تعليل قول أبي حنيفة في هذه المسألة لأن جمع الكثرة أقله عشرة .

أقول : ليس ذلك بصحيح . أما أولا فلأن جمع الكثرة أقله أحد عشر لا عشرة على ما تقرر في علم النحو . قال الفاضل الرضي : قالوا مطلق الجمع على ضربين : قلة ، وكثرة ; والمراد بالقليل من الثلاثة إلى العشرة والحدان داخلان وبالكثير ما فوق العشرة انتهى .

وأما ثانيا فلأنه لو كانت علة قول أبي حنيفة في هذه المسألة كون أقل جمع الكثرة عشرة لزم أن لا يصدق أيضا عنده في أقل من عشرة فيما إذا قال : له علي دراهم بدون ذكر وصف الكثرة مع أنه يصدق هناك في ثلاثة بالاتفاق كما سيأتي . والأولى في تعليل قول أبي حنيفة في هذه المسألة ما ذكره صاحب الغاية حيث قال : ولأبي حنيفة أن الكثرة من حيث الحكم غير مذكورة نصا ، وإنما تثبت ضرورة أن لا تصير صفة الكثرة لغوا فإن العمل بها باعتبار الحقيقة والعرف متعذر ، وما ثبت مقتضى صحة الغير يثبت أدنى ما يصح به الغير ، وأدنى ما يثبت به الكثرة من حيث الحكم عشرة دراهم ، فإن القطع متعلق شرعا بالكثير من المال لا بالقليل على ما روي { أنه كان لا يقطع في الشيء التافه } ، ثم اعتبر النصاب في حق القطع واستباحة البضع عشرة فيلزمه عشرة انتهى .

قال الشيخ أبو نصر البغدادي : والفرق لأبي حنيفة بين قوله : دراهم كثيرة وبين قوله : مال عظيم أن قوله : دراهم كثيرة يفيد العدد لأن الكثرة تكون بزيادة العدد ، فاعتبر الكثرة التي ترجع إلى العدد وقوله : مال عظيم لا يتضمن عددا فوجب أن يحمل على المستعظم لا من حيث العدد ، والعظيم في الشرع ما يصير به غنيا فيجب الزكاة فيه فاعتبر ذلك ( ولو قال : دراهم فهي ثلاثة ) هذا لفظ القدوري في مختصره : يعني لو قال : له علي دراهم وجب عليه ثلاثة دراهم بالاتفاق . قال المصنف في تعليله ( لأنها أقل الجمع الصحيح ) يعني أن الدراهم جمع وأقل الجمع الصحيح ثلاثة فيلزمه ثلاثة لكونه متيقنا . أقول : فيه بحث لأنه إن كان لفظ الصحيح في قوله : لأنه أقل الجمع الصحيح صفة الجمع كما هو متبادر من ظاهر التركيب .

يرد عليه أن الدراهم ليس بجمع صحيح بل هو جمع مكسر فلم يطابق الدليل المدعى ، وإن كان صفة لأقل كما يشعر به قول صاحب الكافي لأنه أدنى الجمع المتفق عليه ، وقول صاحب العناية لأنها أقل الجمع الصحيح الذي لا خلاف فيه بخلاف المثنى يتجه عليه [ ص: 332 ] أن كون أقل الجمع ثلاثة إنما هو في جمع القلة دون جمع الكثرة ، فإن أقل جمع الكثرة أحد عشر كما مر بيانه آنفا والدراهم جمع كثرة ، إذ قد تقرر في كتب النحو أن جميع أمثلة الجمع المكسر جمع كثرة سوى الأمثلة الأربعة المعروفة وهي أفعل وأفعال وأفعلة وفعلة عند الكل ، وسوى فعلة كأكلة عند الفراء ، وسوى أفعلاء كأصدقاء في نقل التبريزي ، ولفظ الدراهم ليس من أحد هاتيك الأمثلة فكان جمع كثرة قطعا فلم يتم المطلوب . ثم أقول : يمكن الجواب عن ذلك بوجهين على اختيار الشق الثاني من الترديد الأول أن الفاضل الرضي صرح بأن كل جمع تكسير للرباعي الأصل حروفه مشترك بين القلة والكثرة ، ولا شك أن الدراهم من هذا القبيل ، فلما اشترك بين القلة والكثرة كان أقله المتيقن هو الثلاثة فتم المطلوب .

والثاني أن المحقق التفتازاني قال في التلويح في أوائل مباحث ألفاظ العام بصدد تحقيق ما ذهب إليه أكثر الصحابة والفقهاء وأئمة اللغة من أن أقل الجمع ثلاثة . واعلم أنهم لم يفرقوا في هذا المقام بين جمعي القلة والكثرة ، فدل بظاهره على أن التفرقة بينهما إنما هي في جانب الزيادة : يعني أن جمع القلة مختص بالعشرة فما دونها ، وجمع الكثرة غير مختص لا أنه مختص بما فوق العشرة ، وهذا أوفق بالاستعمالات وإن صرح بخلافه كثير من الثقات ، انتهى كلامه . فيجوز أن يكون مدار الدليل المذكور على ما هو الأوفق بالاستعمالات وتقريرات أهل الأصول من كون التفرقة بين جمعي القلة والكثرة في جانب الزيادة لا في جانب النقصان فتدبر ( إلا أن يبين أكثر منها ) هذا من تتمة كلام القدوري في مختصره : يعني إلا أن يبين المقر أكثر من الثلاثة فحينئذ يلزمه ما بينه .

قال المصنف : ( لأن اللفظ ) أي لفظ الجمع ( يحتمله ) أي يحتمل الأكثر من الثلاثة ولا تهمة فيه لكونه عليه لا له ( وينصرف إلى الوزن المعتاد ) أي إلى الوزن المتعارف وهو غالب نقد البلد ; لأن المطلق من الألفاظ ينصرف إلى المتعارف كما مر في البيوع ، ولا يصدق في أقل من ذلك لأنه يريد الرجوع عما اقتضاه كلامه . قال في التحفة : وإن لم يكن فيه شيء متعارف يحمل على وزن سبعة فإنه الوزن المعتبر في الشرع ، وهكذا ذكر في العناية . وقال في البدائع : وإن كان الإقرار في بلد يتعاملون فيه بدراهم وزنها ينقص عن وزن سبع يقع إقراره على ذلك الوزن لانصراف مطلق الكلام إلى المتعارف ، حتى لو ادعى وزنا أقل من وزن بلده لا يصدق لأنه يكون رجوعا ، ولو كان في البلد أوزان مختلفة يعتبر فيه الغالب كما في نقد البلد ، فإن استوت يحمل على أقل الأوزان لأنه متيقن به والزيادة مشكوك فيها فلا تثبت مع الشك انتهى .

أقول : بين المذكورين في التحفة والبدائع في صورة التساوي تفاوت بل تخالف لا يخفى ( ولو قال كذا كذا درهما لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما ) هذا لفظ القدوري في مختصره : يعني لو قال : له علي كذا كذا درهما لزمه أحد عشر درهما ولم يعتبر قوله في أقل من ذلك . قال المصنف في تعليله ( لأنه ) أي المقر ( ذكر عددين مبهمين ) أي ذكر لفظين هما كنايتان عن العدد المبهم ( ليس بينهما حرف العطف وأقل ذلك ) أي أقل ما كان عددين ليس بينهما حرف العطف ( من المفسر ) أي من العدد المفسر : أي المصرح به ( أحد عشر ) وأكثره تسعة عشر فإنه يقال أحد عشر إلى تسعة عشر فيلزمه الأقل المتيقن من غير بيان والزيادة تقف على بيانه ( ولو قال : كذا وكذا درهما لم يصدق في أقل من أحد وعشرين ) هذا أيضا لفظ القدوري في مختصره . قال المصنف في تعليله ( لأنه ذكر عددين مبهمين بينهما حرف العطف ، وأقل ذلك من المفسر أحد وعشرون فيحمل كل وجه على نظيره ) يعني أن لفظ كذا كناية عن العدد ، والأصل [ ص: 333 ] في استعماله اعتباره بالمفسر : أي بالعدد الصريح ، فما له نظير في الأعداد المفسرة يحمل على أقل ما يكون من ذلك النوع لكونه متيقنا فإذا قال : له علي كذا كذا درهما فكأنه قال له علي أحد عشر درهما .

وإذا قال له علي كذا وكذا درهما فكأنه قال : له علي أحد وعشرون درهما ( ولو قال كذا درهما فهو درهم ) هذه المسألة ذكرها المصنف تفريعا على مسألة القدوري ، ولم يذكرها محمد رحمه الله في الأصل : يعني لو قال : له علي كذا درهما فالواجب عليه درهم واحد ( لأنه ) أي لأن درهما في قوله كذا درهما ( تفسير للمبهم ) أي تمييز للشيء المبهم وهو كذا لأنه كناية عن العدد المبهم وأقله المتيقن واحد فيحمل عليه ، وذكرت هذه المسألة في بعض المعتبرات كالذخيرة والمحيط والتتمة وفتاوى قاضي خان على خلاف ما ذكره المصنف ، فإنه قال في الذخيرة والمحيط وفي الجامع الأصغر : إذا قال لفلان علي كذا درهما فعليه درهمان ; لأن هذا أقل ما يعد لأن الواحد لا يعد حتى يكون معه شيء آخر . وقال في التتمة وفي الجامع الأصغر : إذا قال كذا دينارا فعليه ديناران ، لأن هذا أقل ما يعد لأن الواحد لا يعد حتى يكون معه شيء آخر .



وقال في فتاوى قاضي خان : لو قال : لفلان علي كذا دينارا فعليه ديناران ; لأن كذا كناية عن العدد وأقل العدد اثنان انتهى .

أقول : فيما ذكر في تلك الكتب نظر ; لأن عدم كون الواحد من العدد إنما هو في اصطلاح الحساب وأما في الوضع واللغة فهو من العدد قطعا ، وعن هذا ترى أئمة اللغة والنحو قاطبة جعلوا أصول العدد اثنتي عشرة كلمة واحد إلى عشرة ومائة وألف . وقال العلامة الجوهري في صحاحه : الأحد بمعنى الواحد وهو أول العدد انتهى . وقال المحقق الرضي في شرح الكافية : لا خلاف عند النحاة في أن لفظ واحد واثنان من أسماء العدد ، وعند الحساب ليس الواحد من العدد لأن العدد عندهم هو الزائد على الواحد ، ومنع بعضهم أن يكون الاثنان من العدد انتهى .

ولا شك أن كون كذا كناية عن العدد ليس بمبني على اصطلاح الحساب ، بل هو أمر جار على أصل الوضع واللغة ، فكون أقل العدد اثنين عند الحساب لا يقتضي كون الواجب على المقر في المسألة المذكورة درهمين كما لا يخفى . قال صاحب غاية البيان : كان ينبغي أن يلزمه في هذه المسألة أحد عشر ، لأنه أول العدد الذي يقع مميزه منصوبا ، وإذا كان كذلك ينبغي أن لا يصدق في درهم والقياس فيه ما قاله في مختصر الأسرار : إذا قال : له علي كذا درهما لزمه عشرون ; لأنه ذكر جملة وفسرها بدرهم منصوب ، وذلك يكون من عشرين إلى تسعين فيجب الأقل وهو عشرون لأنه متيقن انتهى كلامه . وقال تاج الشريعة : فإن قلت : ينبغي أن يجب أحد عشر درهما لأنه أقل عدد يجيء مميزه منصوبا . قلت : الأصل براءة الذمة فيثبت الأدنى للتيقن انتهى .

أقول : جوابه ليس بتام لأن كون الأصل براءة الذمة إنما يقتضي كون الثابت أدنى ما يتحمله لفظ المقر دون الأدنى مطلقا كما لا يخفى .

ومعنى السؤال أن أدنى ما يتحمله لفظ المقر في هذه المسألة إنما هو أحد عشر بدلالة كون المميز منصوبا ، فينبغي أن يكون الواجب عليه أحد عشر درهما ، وما ذكر في الجواب لا يدفعه قطعا . ثم أقول : الحق في الجواب أن يقال إن قوله كذا درهما وإن كان نظير الأحد عشر درهما في كون المميز منصوبا لكن ليس بنظير له في نفس ما يميزه المنصوب ; لأن أحد عشر عدد مركب ولفظ كذا ليس بمركب فإذا لم يكن نفس كذا نظيرا لنفس أحد عشر لم يفد الاشتراك في مجرد كون مميزهما منصوبا ، وهذا أمر لا سترة به .

قال في الاختيار شرح المختار : وقيل يلزمه عشرون وهو القياس ; لأن كذا يذكر للعدد عرفا ، وأقل عدد غير مركب يذكر بعده الدرهم بالنصب عشرون انتهى . وذكره الإمام الزيلعي في الكنز نقلا عنه .

وقال صاحب معراج الدراية : وما نقله ابن قدامة في المغني وصاحب الحلية عن محمد أنه ذكر إذا قال كذا درهما لزمه عشرون عنده لأنه أقل عدد يفسره الواحد المنصوب خلاف ما ذكر في الهداية والذخيرة والتتمة وفتاوى قاضي خان كما ذكرنا ، ولم أجده في الكتب المشهورة لأصحابنا ا هـ كلامه . أقول : كأنه لم ير ما ذكره في مختصر الأسرار وشرح المختار أو لم يعدهما من الكتب المشهورة لأصحابنا ، أو أراد أنه لم يجده منقولا عن محمد في الكتب المشهورة لأصحابنا : ثم إن التعليل المذكور في المنقول المزبور وهو قوله لأنه أقل عدد يفسره الواحد المنصوب [ ص: 334 ] قاصر في الظاهر ; لأن أقل عدد يفسره الواحد المنصوب إنما هو أحد عشر دون عشرين ، فكان مراده أنه أقل عدد غير مركب يفسره الواحد كما صرح به في غيره وإن لم يكن لفظه مساعدا له .

قال المصنف ( ولو ثلث كذا بغير واو ) أي لو ذكر لفظة كذا ثلاث مرات بغير واو فقال كذا كذا كذا درهما ( فأحد عشر ) أي فالذي يلزمه أحد عشر درهما لا غير ( لأنه لا نظير له سواه ) أي لا نظير له في الأعداد الصريحة سوى أحد عشر : يعني سوى ما كان أقله أحد عشر فيحمل الاثنان من تلك الثلاثة على أحد عشر لكونهما نظيري عددين صريحين ليس بينهما حرف العطف وأقل ذلك أحد عشر ، ويحمل الواحد منهما على التكرير والتأكيد ضرورة عدم ثلاث أعداد مجتمعة ذكرت بلا عاطف ، كذا قالوا : ( وإن ثلث بالواو ) بأن قال : كذا وكذا وكذا ( فمائة وأحد وعشرون ) أي فالذي يلزمه هذا المقدار ( وإن ربع ) بأن قال : كذا وكذا وكذا وكذا ( يزاد عليها ) أي على مائة وأحد وعشرون ( ألف ) فيلزمه ألف ومائة وأحد وعشرون ( لأن ذلك نظيره ) أي لأن العدد الذي ذكرنا أنه يلزم في صورتي التثليث والتربيع نظير ما ذكره المقر في تينك الصورتين : أي أقل ما كان نظيرا له فحينئذ يكون قوله : لأن ذلك نظيره تعليلا لمجموع الصورتين كما هو الظاهر من عدم ذكر التعليل في صورة التثليث وتأخيره إلى هنا ، ويحتمل أن يكون ذلك تعليلا لقريبه : أعني صورة التربيع ويكون تعليل صورة التثليث متروكا لانفهامه مما ذكره في غيرها كما يشعر به تحرير صاحب الكافي حيث قال : ولو قال كذا وكذا وكذا درهما فمائة وأحد وعشرون لأنه أقل ما يعبر عنه بثلاثة أعداد مع العاطف ، ولو ربع يزاد عليها الألف لأن ذا نظيره انتهى .

قال الإمام الزيلعي في التبيين : ولو خمس بالواو ينبغي أن يزاد عشرة آلاف ، ولو سدس يزاد مائة ألف ، ولو سبع يزاد ألف ألف ، وعلى هذا كلما زاد عددا معطوفا بالواو زيد عليه ما جرت العادة به إلى ما لا يتناهى انتهى . وقال شيخ الإسلام خواهر زاده في مبسوطه : هذا كله إذا قال بالنصب فأما إذا قال درهم بالخفض بأن قال كذا درهم يلزمه مائة درهم . وقال : هكذا روي عن محمد لأنه ذكر عددا مبهما مرة واحدة ، وذكر الدرهم عقيبه بالخفض فيعتبر بعدد واحد مصرح يستقيم ذكر الدرهم عقيبه بالخفض ، وأقل ذلك مائة درهم ، وإن قال : كذا كذا درهم يلزمه ثلاثمائة درهم لأنه ذكر عددين مبهمين ولم يذكر بينهما واو العطف ، وذكر الدراهم عقيبهما بالخفض ، وأقل ذلك العدد المصرح ثلاثمائة لأن ثلاثا عدد ومائة عدد وليس بينهما حرف العطف ، ويستقيم ذكر الدراهم بالخفض عقيبهما انتهى كلامه .

وقال الإمام علاء الدين الإسبيجابي في شرح الكافي للحاكم الشهيد : وإذا أقر أن لفلان عليه كذا كذا درهما وكذا كذا دينارا فعليه من كل واحد منهما أحد عشر ; لأنه لو أفرد كل واحد منهما في الذكر لزمه أحد عشر ، فكذلك إذا جمع بينهما يلزمه من كل واحد أحد عشر . ولو قال : له علي كذا كذا دينارا ودرهما كان عليه أحد عشر منهما جميعا ، وكيف يقسم ؟ . القياس أن يكون خمسة ونصف من الدراهم وخمسة ونصف من الدنانير ، إلا أنا نقول : لو فعلنا ذلك أدى إلى الكسر ، وليس في لفظه ما يدل على الكسر فيجعل ستة من الدراهم وخمسة من الدنانير . فإن قيل : هلا جعلت ستة من الدنانير وخمسة من الدراهم ؟ قلنا : لأن الدراهم أقل مالية من الدنانير فصرفناه إليها احتياطا ، إلى هاهنا كلامه .




الخدمات العلمية