الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 350 ] قال ( ومن أقر بشرط الخيار بطل الشرط ) لأن الخيار للفسخ والإخبار لا يحتمله ( ولزمه المال ) لوجود الصيغة الملزمة ولم تنعدم بهذا الشرط الباطل ، والله أعلم .

التالي السابق


( قال ) أي القدوري في مختصره ( ومن أقر بشرط الخيار بطل الشرط ) يعني ومن أقر لرجل بشيء على أنه بالخيار في إقراره ثلاثة أيام صح الإقرار وبطل الشرط ، أما بطلان الشرط وهو الأهم بالبيان فلما ذكره المصنف بقوله ( لأن الخيار للفسخ ) أي لأجل الفسخ ( والإخبار لا يحتمله ) أي لا يحتمل الفسخ : يعني أن الإقرار إخبار والإخبار لا يحتمل الفسخ ; لأن الخبر إن كان صادقا فهو واجب العمل به اختاره أو لم يختره ، وإن كان كاذبا فهو واجب الرد لا يتغير باختياره وعدم اختياره ، وإنما تأثير اشتراط الخيار في العقود ليتغير به صفة العقد ويتخير به من له الخيار بين فسخه وإمضائه ، وأما صحة الإقرار التي حكمها لزوم المقر به كما أشار إليه بقوله ( ولزمه المال ) أي ولزم المقر المال الذي أقر به فلما ذكره بقوله ( لوجود الصيغة الملزمة ) وهي قوله علي ونحو ذلك ( ولم ينعدم ) أي اللزوم ، وقيل : أي الإخبار ( بهذا الشرط الباطل ) يعني شرط الخيار إذ لا تأثير للباطل ، ولأن الخيار في معنى التعليق بالشرط فيما دخل عليه وهو حكم العقد والإقرار لا يحتمل التعليق بالشرط ، فكذلك لا يحتمل اشتراط الخيار ، إلا أن التعليق يدخل على أصل السبب فيمنع كون الكلام إقرارا والخيار يدخل [ ص: 351 ] على حكم السبب ، فإذا لغا بقي حكم الإقرار وهو اللزوم ، كما أن التعليق بالشرط يمنع وقوع الطلاق واشتراط الخيار لا يمنعه ، كذا في المبسوط وغيره .

قال في المحيط البرهاني : هذا إذا أقر بالمال مطلقا ولم يبين السبب ، فأما إذا بين السبب بأن قال لفلان علي ألف درهم من قرض أو غصب بعينه أو مستهلك أو وديعة بعينها أو مستهلكة على أني بالخيار فالخيار باطل والمال لازم ; لأنه وإن بين السبب إلا أن اشتراط الخيار فيما بين من السبب لا يصح ; لأن سبب الوجوب إن كان استهلاكا فالاستهلاك بعد تحققه لا يحتمل الفسخ فلا يصح اشتراط الخيار فيه ، وإن كان قرضا أو غصبا بعينه أو وديعة بعينها فكذلك لا يصح اشتراط الخيار فيه وإن كان قابلا للفسخ بالرد لأن حق الفسخ للمقر ثابت من غير خيار بأن يرد ما قبض فينفسخ القرض والغصب فلا يكون في اشتراط الخيار فائدة ، ولو قال لفلان علي ألف درهم من ثمن مبيع على أن المقر بالخيار لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في الأصل في جانب المقر ، إنما ذكره في جانب المقر له ولا شك أن المقر له إذا لم يصدق المقر في الخيار لا يثبت له الخيار لأنه في الحاصل يدعي شراء بشرط الخيار وقد أنكر البائع الخيار ، ولا شك أنه يثبت متى صدقه المقر له في ذلك لأن هذا اشتراط الخيار في سبب الوجوب وهو الشراء ، واشتراط الخيار في الشراء مستقيم ، بخلاف ما إذا ذكر المال مطلقا ولم يبين السبب لأن هناك المال مشروط في الإقرار ، واشتراط الخيار في الإقرار لا يستقيم ، فإن كذبه المقر له في الخيار فأراد هو أن يقيم بينة على الخيار لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في الأصل .

قالوا : ويجب أن لا تسمع بينته لأن البينة إنما تسمع إذا ترتبت على دعوى صحيحة ، ودعوى الخيار من المقر هاهنا لم تصح لمكان المناقضة ، إلى هنا لفظ المحيط .




الخدمات العلمية