الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وحرم التمسك بالأقل إلا المثلي ، .

[ ص: 241 ] ولا كلام لواجد في قليل لا ينفك : كقاع ، وإن انفك ، .

[ ص: 242 ] فللبائع التزام الربع بحصته ، لا أكثر . وليس للمشتري التزامه بحصته مطلقا .

[ ص: 243 ] ورجع للقيمة ، لا للتسمية . وصح ولو سكتا لا إن شرطا الرجوع لها وإتلاف المشتري : قبض ، والبائع والأجنبي يوجب الغرم ، .

[ ص: 244 ] وكذلك إتلافه . .

التالي السابق


( و ) إن كان أقل ( حرم التمسك بالأقل ) من نصف المبيع المعين الذي تلف أو استحق بعضه لانفساخ البيع بتلف أكثر المبيع ، أو استحقاقه فالتمسك بأقله بحصته من ثمنه إنشاء شراء بثمن مجهول إذ لا يعلم ما يخصه منه إلا بعد التقويم ، والنسبة وما هنا أعم من قوله سابقا ، ولا يجوز التمسك بأقل استحق أكثره ، وما هنا مفروض فيما يعرض في ضمان البائع وما تقدم فيما يعرض بعد انتقاله إلى المشتري وذكره هنا أيضا ليرتب عليه قوله ( إلا ) المبيع ( المثلي ) أي المكيل أو الموزون أو المعدود الذي تلف بعضه في ضمان بائعه ، أو استحق بعضه في ضمان بائعه أو مشتريه ، فلا يحرم التمسك بأقله فيخير [ ص: 241 ] المشتري بين الفسخ والتمسك بالباقي بحصته من ثمنه ابن الحاجب بخلاف المثلي فيهما الموضح أي في التلف والاستحقاق فيخير المشتري في التمسك بالأقل الباقي وفي الفسخ ، والفرق أن ما ينوب بعض المثلي من ثمنه معلوم فلا يتوقف على تقويم ونسبة .

( تنبيه ) ظهور عيب قديم في بعض المثلي ليس الخيار فيه كالخيار في تلف أو استحقاق بعضه إذ الخيار في العيب بين التمسك بالجميع ورده ، وليس له التمسك بالسليم بحصته ، قال فيها : من اشترى مائة إردب فاستحق منها خمسون خير المبتاع بين أخذ ما بقي بحصته من الثمن ورده ، وإن أصاب بخمسين إردبا منها عيبا أو بثلث الطعام أو بربعه فإنما له أخذ الجميع أو رده ، وليس له رد المعيب وأخذ الجيد خاصة ا هـ ، وصرح به في كتاب التدليس منها أيضا أفاده الحط ( ولا كلام ل ) مشتر مثليا ( واجد ) عيبا بالجيم ، وفي نسخة البساطي بالحاء المهملة أي لأحد المتبايعين ( في ) عيب ( قليل ) وهو المعتاد وجوده في المبيع بحيث ( لا ينفك ) أي لا يخلو المبيع عنه عادة لكونه من طراوة الأرض لا من أمر طارئ عليه ( ك ) بلل طعام ( قاع ) أي الطعام الذي في أسفل البيت الذي به الطعام من طراوة أرضه ، فلا يحط عنه شيء من ثمنه بسببه " غ " قوله ولا كلام لواجد في قليل لا ينفك إلخ ، اشتمل هذا الكلام مع شدة اختصاره على الأقسام الخمسة التي ذكرها ابن رشد ، إذ قال : الفساد الموجود في الطعام خمسة أقسام أحدها كونه مما لا ينفك الطعام عنه كالفساد اليسير في قيعان الإهراء والبيوت الذي جرت العادة به ، فهذا لازم للمشتري ولا كلام له فيه .

( وإن انفك ) العيب القليل عنه ولا خطب له كابتلال بعضه بمطر أو ندى ابن رشد الثاني : ما ينفك عنه الطعام إلا أنه يسير لا خطب له ، فإن أراد البائع أن يلتزم المعيب ويلزم المشتري السالم بما ينوبه من الثمن كان له ذلك بلا خلاف ، وإن أراد المشتري أن يلتزم السالم ويرد المعيب بحصته من الثمن لم يكن له ذلك على ما في المدونة ، وروى [ ص: 242 ] يحيى عن ابن القاسم أن ذلك له ( فللبائع التزام الربع ) المعيب من المبيع ( بحصته ) من الثمن ، وإلزام المشتري السالم بما ينوبه من الثمن ابن رشد الثالث كونه مثل الخمس والربع ونحوهما ، فإن أراد البائع أن يلزم المشتري السالم بحصته من الثمن ويسترد المعيب كان له ذلك بلا خلاف ، إذ لا اختلاف في أن استحقاق ربع الطعام أو خمسه لا يوجب للمبتاع رد باقيه ، وإن أراد المبتاع أن يرد المعيب ويلتزم السالم بحصته من الثمن لم يكن له ذلك بلا خلاف أيضا ( لا أكثر ) من الربع ابن رشد . الرابع كونه ثلثا أو نصفا ، فإن أراد البائع إلزام المشتري السالم بحصته من الثمن لم يكن له ذلك على مذهب ابن القاسم ، وروايته عن مالك رضي الله تعالى عنهما وله ذلك على مذهب أشهب واختيار سحنون ، ولم يكن للمبتاع التزام السالم ورد المعيب بحصته من الثمن . الخامس كونه أكثر من النصف وهو الجل ، فلا اختلاف أنه ليس للبائع إلزام المشتري السالم بحصته من الثمن ولا للمبتاع رد المعيب بحصته منه ا هـ " غ " .

فأشار المصنف إلى الأول بقوله ولا كلام لواجد في قليل لا ينفك كقاع ، وإلى الثاني والثالث بقوله وإن انفك فللبائع التزام الربع المعيب فما دونه لنفسه بما ينوبه من الثمن ، وإلى الرابع والخامس بقوله لا أكثر أي ليس للبائع التزام المعيب لنفسه إذا كان أكثر من الربع كالثلث فما فوقه ، وانطبق قوله وليس للمشتري التزامه بحصته مطلقا على الأربعة التي بعد الأول المشار له بقوله ولا كلام لواجد في قليل لا ينفك ا هـ كلام " غ " ( وليس للمشتري التزامه ) أي البعض السالم من العيب ( بحصته ) من الثمن ورد البعض المعيب على بائعه والرجوع عليه بحصته منه ( مطلقا ) أي في الأقسام الأربعة التي بعد القسم الأول لأن من حجة البائع أن يقول أبيعه مجتمعا يحمل بعضه بعضا ( و ) إذا كان المبيع مقوما متعددا كعشر شياه بمائة كل شاة بعشرة ، واستحق منها بعضها أو [ ص: 243 ] ظهر معيبا وليس الأكثر وجب التمسك بالباقي أو السالم بحصته من ثمنه ( رجع ) بضم فكسر فيما يخص كلا منهما ( للقيمة ) التي يحكم بها العارفون للمستحق والباقي والمعيب والسالم وتنسب قيمة أحدهما لمجموع قيمتيها وبمثلها يخصه من الثمن ، فإن قوم المستحق أو المعيب بعشرين والباقي أو السالم بثلاثين رجع بخمسي الثمن ، وإن كانت قيمة كل منهما عشرين رجع بنصفه ، وإن كانت قيمة الأول عشرين والثاني أربعين رجع بثلثه .

وعلى هذا القياس ( لا ) يرجع ( للتسمية ) عند العقد لكل سلعة لاختلاف السلع بالجودة والرداءة ، واغتفرت زيادة المسمى للرديء لنقص ما سمي للجيد وعكسه ( وصح ) البيع إن شرط الرجوع للقيمة على تقدير طريان استحقاق أو ظهور عيب للبعض ، بل ( ولو سكت ) بضم فكسر عنده عن بيان الرجوع لها أو للتسمية ، ويرجع للقيمة ( لا ) يصح البيع ( إن شرطا ) أي المتبايعان ( الرجوع لها ) أي التسمية إن خالفت القيمة والأصح فهذا تتميم لقوله ورد بعض المبيع بحصته ، ولما ذكر أن تلف المبيع بسماوي وقت ضمان بائعه يفسخ ذكر هنا إتلافه من مشتر أو بائع أو أجنبي ، والأولى تقديمه عنده فقال : ( وإتلاف المشترى ) المبيع بتا وقت ضمان بائعه ( قبض ) من المشتري لما أتلفه مقوما كان أو مثليا ، فيلزمه ثمنه هذا في إتلاف كل المبيع وقد تقدم حكم إتلافه مبيع الخيار في بابه ( و ) إتلاف ( البائع ) المبيع بتا وهو في ضمانه أو ضمان مبتاعه ( و ) إتلاف ( الأجنبي ) أي غير المتبايعين المبيع بتا بضمان بائع أو مشتر ( يوجب ) بضم التحتية وكسر الجيم ( الغرم ) بضم الغين المعجمة وسكون الراء العوض للمتلف على البائع أو الأجنبي .

ولا خيار للمشتري ، ففيها في كتاب الاستحقاق ومن ابتاع من رجل طعاما بعينه وفارقه قبل اكتياله فتعدى البائع على الطعام فعليه الإتيان بطعام مثله ، ولا خيار [ ص: 244 ] للمبتاع في أخذ دنانيره ، ولو هلك الطعام بأمر من الله تعالى انتقض البيع وليس للبائع أن يعطي طعاما مثله ولا ذلك عليه ا هـ وسئل ابن زرب عمن ابتاع قمحا أو شعيرا ورأى زي الطعام وساومه عليه ودفع له عريانه وبقي الطعام عند بائعه ولم يجزه المشتري ولم يكتله حتى ارتفع سعر الطعام وغلا فطلب المبتاع الطعام فأبى البائع دفعه إليه ، قال : يلزمه البيع فيما عقد معه قليلا كان أو كثيرا ، فإن كان قد استهلكه فعليه الإتيان بمثله . ا هـ . ونحوه في القباب ، وفي المسائل الملقوطة من عليه طعام فأبى الطالب من قبضه وبراءة ذمته ومكنه المطلوب منه مرارا فجنى جان على الطعام فقال مالك رضي الله تعالى عنه : ليس له المكيلة ، وإنما له قيمته يوم عجزه عن أخذه ولم يختلف في هذا ( وكذلك ) أي إتلاف كل المبيع في كونه من المشتري قبضا ومن الأجنبي والبائع يوجب الغرم ( إتلافه ) أي المشتري أو البائع أو الأجنبي بعض المبيع ومنه تعييبه .

فإن كان من المشتري فهو قبض لما أتلفه أو عيبه وإن كان من بائع أو أجنبي أوجب غرم عوضه والأجنبي يغرم العوض لمن الضمان منه مشتريا أو بائعا ، والبائع يغرمه للمشتري إن كان الضمان منه ، فإن كان من البائع خير المبتاع كما قدمه في قوله وخير المشتري إن غيب أو عيب ، ففي العمد يخير بين التمسك والرجوع بالأرش والرد وفي الخطأ يخير بين التمسك بلا أرش والرد أفاده عب البناني ابن عاشر الذي في ابن الحاجب وكذلك تعييبه ومثله في نسخة ابن مرزوق ، والظاهر أن نسخة إتلافه تحريف ، قال في ضيح : أي تعييب المبيع كإتلافه في التفصيل فيه بين كونه من المشتري أو البائع أو أجنبي .




الخدمات العلمية