الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وتجوز في العرضين مطلقا ; إن اتحدا جنسا وصفة كأن اختلفا جنسا ، واتفقا أجلا ، وإن اختلفا أجلا : منعت إن لم يحلا أو أحدهما ، وإن اتحدا جنسا ، والصفة متفقة أو مختلفة : جازت إن اتفق الأجل ; وإلا فلا مطلقا .

التالي السابق


( وتجوز ) المقاصة ( في ) الدينين ( العرضين مطلقا ) عن التقييد بكونهما من بيع أو قرض أو مختلفين ، وبكونهما حالين ( إن اتحدا ) أي العرضان ( جنسا وصفة ) ابن بشير فإن اتفقا في الجنس والصفة جازت المقاصة اتفقت الآجال أو اختلفت حلا أو لم يحلا .

وشبه في الجواز فقال ( كأن اختلفا ) أي العرضان ( جنسا واتفقا ) أي العرضان ( أجلا ) وأولى إن حلا .

( وإن اختلفا ) أي العرضان ( أجلا ) بأن أجلا بأجلين مختلفين ( منعت ) بضم فكسر المقاصة فيهما ( إن لم يحلا ) أي العرضان معا وإلا جازت ( أو ) إن لم يحل ( أحدهما ) فإن حل أحدهما جازت ، هذا مذهب المدونة لانتفاء قصد المكايسة بحلول أحدهما . وفي الموازية منعها حينئذ ابن محرز وهو الأصح عندي ( فإن اتحدا ) أي العرضان ( جنسا والصفة متفقة أو مختلفة جازت ) المقاصة فيهما ( إن اتفق الأجل وإلا ) أي وإن لم يتفق الأجل بأن اختلف ( فلا ) تجوز ( مطلقا ) عن التقييد بكونهما من بيع أو من قرض أو مختلفين .

الحط وفيه نظر من وجوه ، الأول : أنه قدم حكم اتفاق العرضين في الصفة فلا حاجة [ ص: 414 ] إلى إعادته . الثاني : أن قوله وإلا فلا يقتضي أنه إذا لم يتفق الأجلان فلا تجوز المقاصة فيهما ، وإن اتفقا في الصفة والجنس وهو خلاف ما تقدم أنهما إذا اتفقا في الجنس والصفة جازت المقاصة اتفقا في الأجل أو اختلفا أو لم يحلا كما تقدم في كلام ابن بشير . الثالث : كان ينبغي أن يقول إن اتفق الأجل أو حلا لأن حكم الحلول حكم اتفاق الأجل ، وقد يقال سكت عن حكم الحلول لوضوحه ، وإن كان ذكره أولى .

الرابع : شمل قوله وإلا فلا مطلقا كونهما من قرض والحال منهما أو الأقرب حلولا أجود وهو جائز ، إذ لا مانع فيها لأنها امتنعت إذا كانا من بيع لأن فيها حط الضمان ، وأزيدك ولا ضمان في القرض وكذا إذا كان أحدهما من قرض والآخر من بيع ، وكان أولهما حلولا هو البيع وهو الأفضل جازت لما ذكر ، وقد صرح به ابن بشير ، وصرح في التوضيح بالجواز في الأولى ، وقد سلم كلامه في الشامل من الاعتراضين الأولين ، ونصه وإن اتفقا جنسا دون صفة جاز إن حلا ، وإلا فلا مطلقا ووقع في بعض النسخ كعبارة الشامل والله أعلم .

( تنبيهات ) : الأول : إذا اتحدا في الجنس واختلفا في الصفة وحلا أو اتفقا أجلا جازت المقاصة كانا من بيع أو قرض ، أو أحدهما من بيع والآخر من قرض صرح به ابن بشير .

الثاني : جميع ما تقدم في العرضين المتفقين في الجنس إنما هو إذا اتفق عددهما ، فإن اختلف وكانا من قرض امتنعت على المشهور من منع الزيادة في قضاء القرض ، وإن كانا من بيع وقد حل الأجلان فتجوز ، وإن كان أحدهما من قرض والآخر من بيع فإن كان دين البيع أكثرهما امتنعت والله أعلم .

الثالث : ضابطها أن ما حل أو كان أقرب حلولا فهو مقبوض عما لم يحل أو عما هو أبعد حلولا ، فإن أدى اقتضاؤه عنه إلى ضع وتعجل ، أو حط الضمان ، وأزيدك امتنع وإن لم يؤد إلى واحد منهما جاز ، فإن كانا من بيع وكان الحال أو الأقرب حلولا أكثر [ ص: 415 ] أو أجود امتنعت لأنه حط الضمان ، وأزيدك وإن كان أدنى أو أقل امتنعت لأنه ضع وتعجل ، وهذا إذا كانا من بيع ، وإذا كانا من قرض والحال أو الأقرب أدنى أو أقل امتنع لأنه ضع وتعجل ، وإن كان أجود جاز إذ لا ضمان في القرض ، وإن كان أكثر عددا امتنع لأنه زيادة في القرض قاله في النكت ، أفاده تت في صغيره ، وزاد في كبيره المصنف ويدخلها خلاف من رد في القرض أكثر عددا ، وإن كان أحدهما من قرض والآخر من بيع جرى على القسمين السابقين ، وإن اتفق أجلهما فذلك جائز سواء كانا من بيع أو من قرض أو من بيع وقرض . قوله على القسمين السابقين أي في اعتبار حط الضمان ، وأزيدك أو ضع وتعجل ، قوله وإن اتفق أجلهما فذلك جائز إلخ ، ظاهره أنه من تمام الضابط وقد أدخل فيه الاختلاف في القدر فيقتضي الجواز عند اتفاق الأجل ولو اختلفا قدرا في القرض وليس كذلك ، إذ يمنع ذلك في الدينين من قرض ولو اتفقا أجلا أو حلا ، وكذا من قرض وبيع ودين البيع أكثر ، ولذا لم يذكر ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا ابن عرفة ولا غيرهم الضابط إلا في اختلاف الصفة بخلاف صنيع التوضيح وتت .

الرابع : ابن بشير وإن اختلفا الدينان جنسا كعروض في ذمة وعين في ذمة أخرى أو عرض وطعام جازت المقاصة على الإطلاق ، حلا أم لا ، اتفق أجلهما أو اختلف . البناني يشكل عليه الطعام من بيع إذ فيه بيعه قبل قبضه ، والصور الثلاث إما من بيع أو من قرض أو منهما ، فهذه تسع تضرب في أحوال الأجل الثلاث بسبع وعشرين .

الخامس : قسم المصنف الدينين إلى ثلاثة أقسام عينين وطعامين ، وعرضين ، وكل منها من بيع أو من قرض أو أحدهما من بيع والآخر من قرض ، فهذه تسعة ، وفي كل منها إما أن يتفقا في النوع والصفة والقدر ، وإما أن يختلفا في واحد منها ، فهذه أربع في تسع بست وثلاثين ، وفي كل منها إما حالان أو مؤجلان أو أحدهما حال والآخر مؤجل ، فهذه مائة وثمانية ونظمها الشيخ محمد ميارة فقال : [ ص: 416 ]

دين المقاصة لعين ينقسم ولطعام ولعرض قد علم وكلها من بيع أو قرض ورد
أو من كليهما فذي تسع تعد في كلها يحصل الاتفاق في
جنس وقدر صفة فلتقتفي أو كلها مختلف فهي إذا
أربع حالات في تسع فاعلما يخرج ست مع ثلاثين تضم
تضرب في أحوال آجال تؤم حلا معا أو واحدا ولا معا
جملتها حق كما قيل اسمعا تكميل تقييد ابن غازي اختصرا
أحكامها في جدول فلينظرا






الخدمات العلمية