الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 47 ] وكتفريق أم فقط من ولدها ; وإن بقسمة ; .

[ ص: 48 ] أو بيع أحدهما لعبد سيد الآخر ما لم يثغر معتادا ، . .

التالي السابق


( وك ) بيع مشتمل على ( تفريق أم ) بالولادة مسلمة أو كافرة عاقلة أو مجنونة ( فقط ) لا جدة ولا أب ولا غيرهما ( من ولدها ) غير المثغر فيها . لمالك " رضي الله عنه " ويفرق بين الولد الصغير وبين أبيه وجده وجدته لأمه أو أبيه متى شاء سيده ، وإنما ذلك في الأم خاصة . اللخمي اختلف في التفرقة بين الأب وولده فقال مالك وابن القاسم " رضي الله تعالى عنهما : " لا بأس به ، وذكر محمد عن بعض المدنيين منعه وهو أحسن قياسا على الأم . وإن كانت أعظم موجدة فمعلوم أن الأب يدخله من ذلك ما يعظم عليه فيه المشقة ويقارب الأم ، وقد يكون بعض الآباء أشد ، ولم يختلف المذهب في جواز التفرقة بين من سوى هذين من الأقارب كالأخ والجد والجدة والخالة والعمة . ابن ناجي التفرقة جائزة في الحيوان البهيمي على ظاهر المذهب .

وروى عيسى عن ابن القاسم أنها لا تجوز وأن حدها أن يستغني عن والدته بالرعي ، والأصل في هذا الباب ما خرجه الترمذي عن أبي أيوب " رضي الله عنه " قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { : من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة } قال حديث حسن وأخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم والطبراني عن معقل بن يسار بلفظ { من فرق فليس منا } . ابن القطان عن صاحب الأشراف أجمع أهل العلم على القول بهذا الخبر إذا كان الولد طفلا لم يبلغ سبع سنين إن كان التفريق ببيع . بل ( وإن ) كان التفريق ( بقسمة ) بين مشتركين فيهما بمراضاة ، بل ولو بقرعة فيها إذا ورث أخوان أما وابنتها فلهما إبقاؤهما في ملكهما وبيعهما .

ابن يونس إذا أراد الأخوان القسمة أو البيع جبرا على جمعهما وفيها سبيل مالك " رضي الله عنه " عن أخوين ورثا أما وولدها صغيرا فأرادا أن يتقاوما الأم وولدها فيأخذ أحدهما الأم والآخر الولد وشرطا [ ص: 48 ] أن لا يفرقا بينهما حتى يبلغ الولد فقال : لا يجوز ذلك لهما وإن كانا في بيت واحد ، وإنما يجوز لهما أن يتقاوما الأم وولدها فيأخذ أحدهما الأم بولدها أو يبيعاهما جميعا . ابن حبيب فإن وقع القسم فسخ كالبيع كان الشمل واحدا أو مفترقا فيها هبة الولد للثواب كبيعه ، ومن ابتاع أما وولدها صغيرا ثم وجد بأحدهما عيبا فليس له رده خاصة ، وله ردهما معا بجميع الثمن . ( أو ) أي ولو كان التفريق ب ( بيع أحدهما ) أي الأم وولدها ( لعبد سيد الآخر ) ولو غير مأذون له في التجارة فيها لا ينبغي بيع الأم من رجل والولد من عبد مأذون له لذلك الرجل لأن ما بيد العبد ملك له حتى ينتزعه منه سيده ، إذ لو رهقه دين في ماله ، فإن بيعا كذلك أمرا بجمعهما في ملك السيد أو العبد ، أو بيعهما معا لمالك واحد وإلا فسخ البيع .

أبو الحسن معنى لا ينبغي لا يجوز بدليل فسخه البيع وقوله مأذون له لا مفهوم له . اللخمي إن كانت الأمة لرجل وولدها لعبده أجبرا على جمعهما في ملك أحدهما أو بيعهما من رجل واحد لأن العبد مالك إن أعتق تبعه ماله . وقال مطرف وابن الماجشون يجوز أن يجمعاهما في حوز لأن الشمل واحد . أبو الحسن لا يجوز أن تكون الأمة لرجل وولدها الصغير لولده الصغير . وقيد حرمة التفريق بين الأم وولدها فقال : ( ما لم يثغر ) بفتح أوله وثانيه مشددا ثاء مثلثة أو تاء مثناة لأن اثغر بشد المثلثة افتعل أصله اثتغر ، فيجوز إبدال فائه المثلثة من جنس تاء الافتعال وإدغامها فيها وإبدال تاء الافتعال من جنس الفاء وإدغامها فيها ، وجوز سيبويه الإظهار على الأصل ، قال : وهو عربي جيد ، ويجوز ضم أوله وسكون ثانيه المثلث فقط أي ينبت بدل رواضعه بعد سقوطها والظاهر أن المراد نباتها كلها وإن لم ينته نباتها وأنه زمن سقوطها المعتاد وإن لم تسقط بالفعل ورواضعه أسنانه التي نبتت له زمن رضاعه ولا بد من كون الإثغار ( معتادا ) فلا تفريق إذا أثغر قبل وقته المعتاد فيها إذا بيعت أمة مسلمة أو كافرة فلا يفرق بينها وبين ولدها في البيع إلى أن يستغني عنها الولد [ ص: 49 ] في أكله وشرابه ومنامه وقيامه .

مالك " رضي الله عنه " وحد ذلك الإثغار ما لم يعجل به جواري كن أو غلمانا ، بخلاف حضانة الحرة . وقال الليث : حد ذلك أن ينفع نفسه ويستغني عن أمه فوق عشر سنين أو نحوها ا هـ . وروى ابن حبيب حده بسبع سنين . وعن ابن وهب عشر سنين . وروى ابن غانم عن مالك رضي الله تعالى عنه أنه ينتهي إلى البلوغ . وعن ابن عبد الحكم لا يفرق بينهما ما عاشا . .




الخدمات العلمية