الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 326 - 327 ] وفي البت مدعيه كمدعي الصحة إن لم يغلب الفساد . وهل إلا أن يختلف بهما الثمن [ ص: 328 ] فكقدره ؟ تردد . [ ص: 329 ] والمسلم إليه مع فوات العين بالزمن الطويل ، أو السلعة : كالمشتري فيقبل قوله ، إن ادعى مشبها ، وإن ادعيا ما لا يشبه : فسلم وسط ، وفي موضعه صدق مدعي موضع عقده ، وإلا فالبائع [ ص: 330 ] وإن لم " يشبه واحد : تحالفا وفسخ : كفسخ ما يقبض بمصر ، وجاز بالفسطاط ، وقضي بسوقها ، وإلا ففي أي مكان منهما .

التالي السابق


( و ) إن اختلفا ( في ) وقوع البيع ب ( البت ) والخيار فالقول قول ( مدعيه ) أي البت لأنه الغالب . ولو مع قيام المبيع إن لم يجر عرف بالخيار وحده ، فإن اتفقا على الخيار وادعاه كل لنفسه تحالفا ، ثم هل يفسخ أو يكون بتا قولان لابن القاسم .

وشبه في تقديم القول فقال ( كمدعي ) بضم الميم وكسر العين ( الصحة ) للبيع فالقول قوله دون مدعي فساده ، ولا يختلف الثمن بهما بدليل ما يليه بأن قال أحدهما وقع ضحوة الجمعة ، والآخر بين الأذان الثاني والسلام منها وفات المبيع قاله أبو بكر بن عبد الرحمن وحذاق أصحابه ، ففي المتيطية إن ادعى أحدهما في السلم أنهما لم يضربا له أجلا ، أو أن رأس ماله تأخر بشرط شهر أو أكذبه الآخر فالقول قول مدعي الحلال منهما بيمينه إلا أن تقوم للآخر بينة على فساده فيفسخ السلم ويرد البائع رأس المال . الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمن القول قول من ادعى الحلال إذا فاتت السلعة ، فإن كانت قائمة فيتحالفان ويتفاسخان ، وإلى هذا ذهب حذاق أصحابه وقال بعض القرويين القول قول مدعي الصحة فاتت السلعة أو لم تفت . ا هـ . ومحل كون القول قول مدعي الصحة ( إن لم يغلب الفساد ) للبيع في عرفهم ، فإن غلب في عرفهم فالقول قول مدعيه .

( وهل ) القول لمدعي الصحة إن لم يغلب الفساد ، سواء اختلف الثمن بهما أم لا ، أو القول قوله في كل حال ( إلا أن يختلف بهما ) أي الصحة والفساد ( الثمن ) أي العوض الشامل للمثمن كدعوى أحدهما بيع الأم وحدها أو الولد وحده قبل إثغاره والآخر [ ص: 328 ] بيعهما معا أو دعوى أحدهما أن الثمن خمر والآخر أنه دراهم . الحط وكدعوى البائع أنه باعها بمائة مثلا والمشتري أنه بقيمتها أو بما يظهر من السعر ( ف ) كالاختلاف في ( قدره ) أي الثمن في حلفهما والفسخ إن لم يفت المبيع وتصديق المشتري إن فات وأشبه ، وإن أشبه للبائع وحده صدق إن حلف ، وإن لم يشبها حلفا ولزم المبتاع القيمة ، وهذا ظاهر حيث أشبه مدعي الصحة ، فإن كان المشبه مدعي الفساد فالظاهر أنه لا يعتبر شبهه ، ويحلفان ، ويفسخ مع القيام ، وتلزم القيمة يوم القبض لفساد البيع ( تردد ) فإن غلب الفساد فالقول لمدعيه ، سواء اختلف الثمن بهما أم لا ، هذا ظاهر كلامهم .

واعترض د وس تمثيلهم لاختلاف الثمن بادعاء أحدهما بيع الأم أو الولد والآخر بيعهما معا بأن الغالب بيعهما معا ، فهو مما غلبت فيه الصحة ، فالقول قول مدعيها هذا لفظ " د " ، ولفظ " س " أطبقوا كلهم على التمثيل للصحة والفساد بالأم مع ولدها أو دونه وهو غير لائق بالمذهب من أن التفريق منهي عنه بلا فساد ، ويفسخ إن لم يجمعاهما في ملك ، ويمكن أن يمثل بدعوى أحدهما بيع عبد غير آبق والآخر بيع آبق أو شارد .

وقال " د " المناسب التمثيل بدعوى أحدهما أن رأس مال السلم أجل إلى شهر والآخر إلى ثلاثة أيام ، فإن باب السلم يغلب فيه الفساد واختلاف الأجل يختلف به الثمن عج . التمثيل ببيع الأم والولد صحيح حيث لم يجمعاهما في ملك ، إذ يكفي الصحة في الجملة ، إذ المثال يكفي فرض صحته . البناني قول " ز " كدعوى أحدهما أن الثمن خمر والآخر دراهم ، هذا من اختلاف الجنس لا القدر ، فلا ينزل عليه قوله فكقدره ، فلو قال إلا أن يختلف بهما فكهو لشملهما ، وهذا هو الموافق لعبارة ابن بشير كما في " ق " . [ ص: 329 ]

( و ) الشخص ( المسلم ) بضم فسكون ففتح أي المدفوع ( إليه ) رأس مال السلم المتنازع مع المسلم بكسر اللام في قدر المسلم فيه أو به أو قدر الأجل أو رهن أو حميل ( مع فوات ) رأس المال ( العين ) في يده ( بالزمن الطويل ) الذي يظن تصرفه فيه بها وانتفاعه فيه بها على المشهور . وقال ابن بشير طولا ما . وقال التونسي بغيبته عليها ( أو ) فوات ( السلعة ) المجعولة رأس مال مقومة كانت أو مثلية ولو بحوالة سوق ، وخبر المسلم إليه ( كالمشتري ) في باب البيع ( فيقبل ) بضم فسكون ففتح ( قوله ) أي المسلم إليه ( إن ادعى ) المسلم إليه شيئا مسلما فيه أو به أو أجلا أو رهنا أو حميلا ( مشبها ) ما يسلم الناس فيه أو به أو له أو يتوثقون به رهنا أو حميلا سواء أشبه المسلم أم لا وإن أشبه المسلم وحده قضى له بيمينه .

( وإن ادعيا ) أي المسلم والمسلم إليه معا ( ما لا يشبه ) والمسألة بحالها من كون الاختلاف مع فوات العين بالزمن الطويل أو السلعة حلفا ، وفسخ إن اختلفا في قدر رأس المال أو الأجل أو الرهن أو الحميل ، ويرد ما يجب رده في فوات رأس المال من قيمة أو مثل وإن اختلفا في قدر المسلم فيه ( فسلم وسط ) مما عرف الإسلام فيه من مثل تلك السلعة كان وسطا في القدر أو في الوجود ، وظاهره بلا يمين كذا ينبغي أن يقرر هذا المحل فيعمم في أول الكلام ، ويخصص قوله فسلم وسط بالاختلاف في قدر المسلم فيه ، وإن اختلفا في جنس أو نوع المسلم فيه أو به حلفا وفسخ ، فإن تنازعا قبل فوات رأس المال حلفا وفسخ ولو تنازعا في قدر المسلم فيه .

( و ) إن اختلفا في ( وضعه ) أي المسلم فيه الذي يقبض هو فيه ( صدق ) بضم فكسر مثقلا ( مدعي موضع عقده ) أي السلم بيمينه ( وإلا ) أي وإن لم يدع أحدهما وضع عقده بأن ادعيا معا غيره ( فالبائع ) أي المسلم إليه يصدق بيمينه إن أشبه ، وسواء [ ص: 330 ] أشبه المشتري أيضا أم لا ، فإن أشبه المسلم وحده صدق بيمينه .

( وإن لم يشبه واحد ) منهما في دعواه ( تحالفا ) أي المسلم والمسلم إليه كل على نفي دعوى صاحبه وتحقيق دعواه ( وفسخ ) بضم فكسر السلم ، وكلامه حيث حصل الاختلاف بعد فوات رأس المال ، فإن تنازعا قبله حلفا وفسخ مطلقا . والظاهر احتياجه لحكم ، لأن الموضع كالأجل ، وتقدم احتياج الفسخ بالاختلاف فيه إلى حكم .

وشبه في الثبوت شرعا فقال ( كفسخ ما ) أي سلم اشترط فيه أن المسلم فيه ( يقبض ) بضم الياء وفتح الباء ( بمصر ) وأريد بها جميع عملها وهي طولا من البحر المالح ثغر إسكندرية والعريش إلى أسوان ، بضم الهمز وسكون السين آخره نون مدينة بأقصى الصعيد ، وعرضا من عقبة أيلة إلى عقبة برقة .

فإن أريد بها المدينة المعينة فقط فأشار إليه بقوله ( وجاز ) شرط أن يقبض المسلم فيه ( بالفسطاط ) بضم الفاء أي مصر العتيقة سميت به لإنشائها موضع فسطاط عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه بأمر أمير المؤمنين الإمام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ( وقضي ) بضم فكسر أي دفع المسلم فيها من الفسطاط إن كان لها سوق ( ففي أي مكان ) من الفسطاط يقضي المسلم فيه إلا لعرف خاص فيعمل به .




الخدمات العلمية