الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وجاز سؤال البعض ليكف عن الزيادة لا الجميع ، .

[ ص: 61 ] وكبيع حاضر لعمودي .

[ ص: 62 ] ولو بإرساله له .

التالي السابق


( وجاز ) لحاضر سوم سلعة أراد شراءها ( سؤال البعض ) من الحاضرين الذين أرادوا الزيادة في سومها لشرائها ( ليكف ) بفتح التحتية وضم الكاف وشد الفاء نفسه ( عن الزيادة ) في سومها ليشتريها السائل برخص ( لا ) سؤال ( الجميع ) ولو حكما كالأكثر والواحد الذي يقتدى به في الزيادة ، فإن وقع سؤال الجميع ولو حكما وثبت ببينة أو إقرار خير البائع في قيام السلعة بين ردها وعدمه ، فإن فاتت فله الأكثر من ثمنها وقيمتها . ابن رشد لو قال : كف عني ولك دينار جاز ولزمه الدينار اشترى أو لم يشتر . ولو قال : كف عني ولك بعضها على وجه العطاء مجانا لم يجز لأنه أعطاه على الكف ما لم يملك . [ ص: 61 ] ابن عرفة في إجازته الدينار نظر لأن إعطاءه ليس على الكف لذاته بل لرجاء حصول السلعة وقد لا تحصل ، وظاهر قول المازري إنما يجوز في الواحد إن كان الترك تفضلا وإن كان على أن له نصفها مجانا لم يجز لأنه دلسة منعه بالدينار ، وهو خلاف ظاهر نقل ابن رشد ا هـ .

قلت : قد يفرق بأن الدلسة في الشركة محققة لجعله ذلك عقدا للشركة ، بخلاف الدينار فلا دلسة فيه تتعلق بالمبيع لتحقق وجوده الآن معه ا هـ عب . غ استشكل ابن هلال قول ابن رشد بأنه من أكل أموال الناس بالباطل ولا سيما إذا لم يبعها ربها . وقال العبدوسي : لا إشكال فيه لأنه عوض على ترك وقد ترك . ( وكبيع ) شخص ( حاضر ) بحاء مهملة وضاد معجمة أي ساكن حاضرة ضد البادية أي مدني في حاضرته سلعة مملوكة ( ل ) شخص ( عمودي ) بفتح العين المهملة نسبة للعمود لنصب بيته من نحو الشعر عليه أي ساكن بادية ، وقيده الحافظ ابن عبد البر بما لا ثمن له في البادية ونقله الأبي في شرح مسلم واعتمده س وعج ولم يذكره ابن عرفة ولا ابن عبد السلام ولا الموضح ولا الشارح في شروحه الثلاثة ولا في شامله ، ولا صاحب الجواهر ولا غيرهم ممن وقفت عليه وإطباقهم على تركه دليل على عدم اعتماده .

ويؤيده ذكرهم الخلاف في بيع البلدي للبلدي ، فقد روى محمد لا يبع مدني لمصري ولا مصري لمدني . وحمل المازري هذه الرواية على ورود أحدهما على بلد وهو جاهل بأسعاره بحيث يمكن غبنه وينتفع أهل البلد بالشراء منه مع ربحه في الغالب فيما أتى به فلم يمنع استرخاصه قاله طفي . البناني كلام الباجي في المنتقى ظاهر في عدم اعتباره ، ونصه والأصل في النهي عنه الحديث الذي أخرجه الشيخان { لا يبع حاضر لباد } ، ومن جهة المعنى أنهم لا يعرفون الأسعار فيوشك إذا تناولوا البيع لأنفسهم استرخص ما يبيعون لأن أكثره لا رأس مال لهم فيه لأنهم لم يشتروه ، وإنما صار لهم بالاستغلال ، فالرفق بمن يشتريه أولى مع أن أهل الحواضر أكثر أهل الإسلام وهي مواضع الأئمة ، فيلزم الاحتياط لها والرفق بمن يسكنها . ا هـ . فقوله أكثره لا رأس مال لهم فيه ظاهر في عدم اعتباره ، بل صريح في الإطلاق .

[ ص: 62 ] وقيد المنع أيضا بعدم معرفة البادي سعرها بالحاضرة . البناني قول الباجي البدوي لا يباع له سواء عرف السعر أو لم يعرفه صريح في عدم اشتراط جهل البدوي السعر ، ونقل ق عن ابن رشد ، مثله الأبي في شرح مسلم ليس من بيع الحاضر للبادي بيع الدلال اليوم لأن الدلال إنما هو لإشهار السلعة فقط ، والعقد عليها إنما هو لربها ، وبيع الحاضر المنهي عنه هو أن يتولى الحاضر العقد أو يقف معه ليزيده في الثمن ويعلمه أن السلعة لم تبلغ ثمنها ونحو هذا والدلال بالعكس لرغبته في البيع ج وانظره مع قوله في الحديث { لا تكن له سمسارا } . طفي في أجوبته المراد بالسمسار في الحديث من يتولى العقد كالجالس في الحانوت فلا معارضة . ومنع بيع الحضري سلعة البدوي إذا قدم بها ، بل ( ولو ) كان ( بإرساله ) أي العمودي السلعة للحضري ليبيعها هذا هو المعروف من المذهب ، وأشار بولو لقول الإمام رضي الله تعالى عنه بجواز بيعها الحاضر لصيرورتها أمانة عنده ، واقتصر عليه الأبي في شرح مسلم ، ونصه وليس من بيع الحاضر أن يبعث البدوي سلعته ليبيعها له الحاضر . .




الخدمات العلمية