الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبطول زمان حيوان ; وفيها شهر وشهران ، واختار أنه خلاف ; وقال بل في شهادة ، . .

التالي السابق


( و ) يفوت المبيع فاسدا ( بطول زمان ) إقامة ( حيوان ) بيد المشتري ولو آدميا ( وفيها ) أي المدونة الطول ( شهر و ) فيها أيضا لا يكفي في الطول ( شهران ) هذا مراده وإلا أغنى عنه ما قبله ، ولم يصح قوله ( واختار ) اللخمي من نفسه ( أنه ) أي المذكور ( خلاف ) معنوي ( وقال ) المازري من نفسه ( بل ) هو خلاف ( في شهادة ) أي بسبب اختلاف الحالة المشاهدة فالمحل الذي فيه الشهر طول مبني على مشاهدة حال حيوان صغير شأنه التغير في الشهر والمحل الذي فيه الشهران ليسا بطول مبني على مشاهدة حال حيوان كبير كإبل وبقر ليس شأنه التغير فيهما . البناني .

نص كلام المازري بعد ذكر ما في الموضعين من المدونة اعتقد بعض أشياخي أنه اختلاف قول على الإطلاق وليس كذلك ، إنما هو اختلاف في شهادة بعادة لأنه أشار في المدونة إلى المقدار من الزمان الذي لا يمضي إلا وقد تغير فيه الحيوان ، فتغيره في ذاته أو سوقه معتبر ، وإنما الخلاف في قدر الزمان الذي يستدل به على التغير فقال ابن عرفة في رده على اللخمي تعسف واضح لأن حاصل كلامه أن الخلاف إنما هو في الزمان الذي [ ص: 68 ] هو مظنة لتغيره لا في التغير ، وهذا هو مقتضى كلام اللخمي لمن تأمله وأنصف . ا هـ . والصواب أن مراده اتفاق كلام اللخمي والمازري على أنه خلاف في شهادة لاتفاقهما على أن ما هو مظنة لتغير الحيوان فوت قطعا ، وأن الخلاف بين الموضعين في الشهر إلى الثلاثة هل هو مظنة للتغير فيكون فوتا أو لا فلا يكون فوتا .

وفهم بعضهم أن مراده أن الخلاف حقيقي عندهما وفيه نظر يتبين بما أفاده بعض شيوخنا في الفرق بين الخلاف في حال ، والخلاف في شهادة من أن الأول يقال فيما له حالان فيقول قائل بجوازه باعتبار أحدهما لحضوره في ذهنه حين قوله والآخر بمنعه باعتبار حاله الآخر الحاضر في ذهنه حينئذ ولو حضر في ذهن الأول ما حضر في ذهن الثاني لوافقه ، ولو حضر في ذهن الثاني ما حضر في ذهن الأول لوافقه أيضا ، فهذا ليس خلافا في الحقيقة ، وأن الخلاف في شهادة يقال : حيث يكون القول من كل منهما مرتبا على أحد الحالين مع نفي الحال الآخر ، مثاله الماء المجعول في الفم المختلف في التطهير به ، فإن كان الخلاف من أجل أن الماء قد ينضاف وقد لا فمن منع تكلم على حال الإضافة ، ومن أجاز تكلم على حال عدمها وكل منهما يسلم وقوع الحالين فهو خلاف في حال .

وإن كان من أجل أن القائل بالمنع رأى أنه ينضاف ولا بد ولا يمكن بحسب العادة عدم إضافته ، والقائل بالجواز رأى نقيض هذا فهو خلاف في شهادة ، والخلاف في مسألتنا من هذا الثاني لأن من قال الثلاثة وما دونها فوت رأى أنها مظنة للتغير ولا بد ، ومن قال : ليست بفوت رأى أنها ليست مظنة للتغير ولا بد ، هذا فهم ابن عرفة كما يفيده كلامه المتقدم . وأما قول ز فالمحل الذي فيه الشهر فوت إلخ ، فلم يقله المازري ولا هو معنى كلامه كما تقدم على أن ما بين به الخلاف إنما هو معنى الخلاف في حال لا معنى الخلاف في شهادة ، كما دل عليه ما تقدم والله أعلم .

واعلم أن المحل الذي فيه الشهران ليسا فوتا فيه أيضا الثلاثة كذلك فالأولى إبدال وشهران بثلاثة لإيهام عبارته أنها فوت باتفاق المحلين وليس كذلك ، واعلم أيضا [ ص: 69 ] أن موضوع الكلام عدم تغير ذات الحيوان ولا سوقه بدليل ذكر تغير السوق قبل وتغير الذات بعد . .




الخدمات العلمية