2624 2625 2626 2627 2628 2629 ص: وقد روي عن جابر بن عبد الله في ذلك نظير ما روي عن ابن مسعود عن النبي - عليه السلام - .
حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا مسدد ، قال : ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : ثنا هشام بن أبي عبد الله ، قال : ثنا أبو الزبير ، عن جابر قال : " كنا مع النبي - عليه السلام - في سفر ، فبعثني في حاجة فانطلقت إليها ثم رجعت إليه وهو على راحلته ، فسلمت عليه فلم يرد علي ورأيته يركع ويسجد ، فلما سلم رد علي " .
حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا هشام . . . فذكر بإسناده مثله ، غير أنه لم يقل :"فلم يرد علي " وقال : "فلما فرغ من صلاته قال : أما إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي " .
فهذا جابر بن عبد الله أيضا قد أخبر أن رسول الله - عليه السلام - لم يرد عليه ، وأنه لما فرغ من صلاته رد عليه ، فالكلام في هذا مثل الكلام فيما رويناه قبله عن ابن مسعود ، وفي حديث جابر أن رسول الله - عليه السلام -قال : "أما إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي " فأخبر رسول الله - عليه السلام - أنه لم يكن رد عليه شيء ، فذلك ينفي أن يكون رد عليه بإشارة أو غيرها .
وقد حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا يزيد بن إبراهيم ، قال : ثنا أبو الزبير ، عن جابر : " أن النبي - عليه السلام - بعثه لبعض حاجته فجاء وهو يصلي على راحلته ، فسلم عليه فسكت ، ثم أومأ بيده ، ثم سلم عليه فسكت -ثلاثا- فلما فرغ قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي " . .
فهذا جابر - رضي الله عنه - قد أخبر في هذا الحديث أن رسول الله - عليه السلام - أومأ إليه بيده حين سلم ، ثم قال : رسول الله - عليه السلام - بعد ما فرغ من الصلاة : "أما إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي " . فأخبر رسول الله - عليه السلام - أنه لم يكن رد عليه في الصلاة ، فدل [ ص: 96 ] ذلك أن تلك الإشارة التي كانت منه في الصلاة لم تكن ردا ، وإنما كانت نهيا ، وهذا جابر فقد روى هذا عن النبي - عليه السلام - كما ذكرنا ، وقد روي عنه ما حدثنا فهد ، قال : ثنا عمر بن حفص ، قال : ثنا أبي قال : نا الأعمش ، قال : حدثني أبو سفيان ، قال : سمعت جابرا يقول : " ما أحب أن أسلم على الرجل وهو يصلي ، ولو سلم علي . لرددت عليه " .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا أحمد بن إشكاب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، فذكر بإسناده مثله .
فهذا جابر بن عبد الله قد كره أن يسلم على المصلي ، وقد كان سلم على رسول الله - عليه السلام - وهو يصلي ، فأشار إليه ، فلو كانت الإشارة التي كانت من النبي ردا للسلام عليه إذا لما كره ذلك ; لأن رسول الله - عليه السلام - لم ينه عنه ، ولكنه إنما كره ذلك ; لأن إشارة النبي - عليه السلام - تلك كانت عنده نهيا منه له عن السلام عليه . وهو يصلي .


