الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2933 ص: وقد روي عن جابر بن عبد الله نحوا من ذلك .

                                                حدثنا روح بن الفرج ، قال : ثنا عمرو بن خالد ، قال : ثنا ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن أبي الزبير ، عن جابر - رضي الله عنه - قال : " خطب النبي - عليه السلام - يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل ودفن ليلا ، فزجر أن يقبر رجل ليلا لكي يصلي عليه ، إلا أن يضطر إلى ذلك ، وقال : إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه " . فجمع هذا الحديث العلتين اللتين قيل : إن النهي كان من أجلهما ، فلا بأس بالصلاة على الموتى بالليل ودفنهم فيه أيضا ، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن جابر ما يشبه ما ذكر من العلتين في نهي النبي - عليه السلام - عن الدفن بالليل ; لأن النبي - عليه السلام - نهى أن يقبر رجل ليلا في حديث جابر المذكور أولا ; لأجل أن يصلي عليه هو ; لينال الرحمة من صلاته عليه ، فهذه إحدى العلتين في النهي عن الدفن بالليل .

                                                والثانية هي أنهم دفنوا ذلك الرجل في كفن غير طائل ، فلذلك منعهم من الدفن بالليل المذكور فيما روي عن الحسن ، وهذا معنى قوله : "فجمع هذا الحديث العلتين . . . " إلى آخره .

                                                بإسناد هذا الحديث وإن كان معلولا بعبد الله بن لهيعة فالحديث صحيح .

                                                وأخرجه مسلم : نا هارون بن عبد الله وحجاج بن الشاعر ، قالا : نا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن جريج : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله [ ص: 461 ] يحدث : "أن النبي - عليه السلام - خطب يوما ، فذكر رجلا من أصحابه قبض ، فكفن في كفن غير طائل ، وقبر ليلا ، فزجر النبي - عليه السلام - أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه ، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك ، وقال النبي - عليه السلام - : إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه " .

                                                وأخرجه أبو داود أيضا : نا أحمد بن حنبل ، نا عبد الرزاق ، أنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن النبي - عليه السلام - : "أنه خطب يوما . . . " إلى آخره نحوه .

                                                وأبو الزبير اسمه محمد بن مسلم المكي .

                                                قوله : "غير طائل " يقال : هذا أمر لا طائل تحته أو لا طائل فيه ، إذا لم يكن فيه غناء ومزية يقال ذلك في التذكير والتأنيث ، ولا يتكلم به إلا في الجحد وذكره الجوهري في باب الطول فدل على أن أصله واوي .

                                                قوله : "فزجر أن يقبر " أي منع ونهى أن يدفن ، يقال : قبر إذا دفن وأقبر إذ جعل له قبر .

                                                قوله : "لكي يصلي عليه " أي لكي يصلي النبي - عليه السلام - على الميت ، وهذه هي العلة في زجره عن الدفن بالليل ، وقال النووي : النهي عن الدفن قبل الصلاة .

                                                قلت : الدفن قبل الصلاة منهي عنه مطلقا سواء كان بالليل أو بالنهار والمعنى الذي يفهم من التركيب أنه نهى عن الدفن بالليل لكي يصلي هو عليه .

                                                وفيه من الفوائد : استحباب تحسين الكفن ومراعاة السنة فيه في الرجال والنساء .




                                                الخدمات العلمية