الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2915 ص: حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي نعامة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - عليه السلام - : " إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه ، فإن كان فيهما أذى أو قذر فليمسحهما ثم ليصل فيهما " .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح وابن أبي داود هو إبراهيم البرلسي ، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، وأبو نعامة عبد ربه البصري روى له الجماعة ، وأبو نضرة -بالنون والضاد المعجمة- المنذر بن مالك العبدي البصري روى له الجماعة البخاري مستشهدا ، وأبو سعيد الخدري سعد بن مالك - رضي الله عنه - . [ ص: 445 ] وأخرجه داود : نا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن أبي نعامة السعدي ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : "بينا رسول الله - عليه السلام - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره ، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم ، فلما قضى رسول الله - عليه السلام - صلاته قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ قالوا : رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا ، فقال رسول الله - عليه السلام - : إن جبريل - عليه السلام - أتأني فأخبرني أن فيهما قذرا ، وقال : إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر ، فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما " .

                                                وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " ، إلا أنه لم يقل فيه : "وليصل فيهما " ورواه عبد بن حميد ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم .

                                                قوله : "أذى " أي نجاسة وكذلك القذر ، والفرق بينهما من حيث اللغة : أن الأذى اسم لكلي شيء يتأذى الشخص منه وهو يعم النجاسة وغيرها ، وفي الحديث : "أدناها إماطة الأذى عن الطريق " وهو ما يؤذي فيها كالشوك والحجر والنجاسة ونحو ذلك ، وفي حديث العقيقة : "أميطوا عنه الأذى " يريد الشعر والنجاسة وما يخرج على رأس الصبي حين يولد ، يحلق عنه يوم سابعه ، والقذر اسم لضد النظافة ، قال الجوهري : القذر ضد النظافة ، ويقال : قذرت الشيء أقذره إذا كرهته واجتنبته . [ ص: 446 ] ويستفاد منه : أن النجاسة إذا أصابت النعلين أو الخفين فدلكهما بالأرض ومسحهما يطهران سواء كانت رطبة أو يابسة ، وسواء كان لها جرم أو لم يكن ; لإطلاق الحديث ، وإليه ذهب أبو يوسف وبه أفتى مشايخ ما وراء النهر لعموم البلوى ، وقال أبو حنيفة : المراد بالأذى النجاسة العينية اليابسة ; لأن الرطبة تزداد بالمسح انتشارا وتلوثا ، وقال محمد : لا تطهر إلا بالغسل ، وبه قال زفر والشافعي ومالك وأحمد ، والحديث حجة عليهم .




                                                الخدمات العلمية