الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2766 2767 ص: وقد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا محمد بن أبي السري ، قال : ثنا فضيل بن عياض ، قال : ثنا منصور ، عن إبراهيم (ح).

                                                وحدثنا روح بن الفرج ، قال : ثنا يوسف بن عدي قال : ثنا أبو الأحوص ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : " كانوا يكرهون السير أمام الجنازة . "

                                                فهذا إبراهيم يقول : كانوا يكرهون السير أمام الجنازة وإذا قال : "كانوا " فإنما يعني بذلك أصحاب عبد الله بن مسعود ، فقد كانوا يكرهون هذا ثم يفعلونه [ ص: 268 ] للعذر ; لأن ذلك أسهل من مخالطة النساء إذا قربن من الجنازة ، فأما إذا بعدن منها أو لم يكن معها نساء فإن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها وعن يمينها وعن شمالها ، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله .

                                                التالي السابق


                                                ش: ذكر هذا الأثر أيضا تأكيدا لما ذكره من وجه تقديم عمر الناس في جنازة زينب وهو ظاهر .

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين .

                                                الأول : عن محمد بن خزيمة بن راشد ، عن محمد بن أبي السري وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن العسقلاني شيخ أبي داود وأبي حاتم ، عن فضيل بن عياض الزاهد المشهور ، عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم النخعي .

                                                والثاني : عن روح بن الفرج القطان ، عن يوسف بن عدي بن زريق شيخ البخاري ، عن أبي الأحوص سلام بن سليم الكوفي ، عن مغيرة بن مقسم ، عن إبراهيم النخعي .

                                                قوله : "لأن ذلك أسهل " أي لأن المتقدم على الجنازة أسهل من مخالطة النساء لأن مخالطة النساء الأجنبيات حرام ، والتقدم على الجنازة مباح ; فالإتيان بالمباح أسهل بل أفضل من ذلك ، وقال محمد بن الحسن في "آثاره " : أنا أبو حنيفة ، عن حماد قال : "رأيت إبراهيم يتقدم الجنازة ويتباعد منها من غير أن يتوارى عنها " ، وقال محمد : "لا نرى بتقدم الجنازة بأسا ، والمشي خلفها أفضل ، وهو قول أبي حنيفة " .

                                                قلت : كان تقدم إبراهيم وتباعده عنها لأجل النساء كما ذكرنا ، وكان يخاف أن يختلط بهن فيتباعد عنها من غير أن يتوارى عنها ، ولكن إذا لم يكن نساء كان يمشي خلفها طلبا للأفضل وقول محمد -رحمه الله- : "لا نرى بتقدم الجنازة بأسا " يشعر أن هذا الفعل مباح غير محظور ولكن الأفضل أن يمشي خلفها ، ذكرنا من الأدلة والبراهين ، والله أعلم .




                                                الخدمات العلمية