الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2831 2832 2833 [ ص: 331 ] ص: حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا شريك (ح).

                                                وحدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سعيد ، قال : ثنا هشيم (ح).

                                                وحدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا يحيى بن يحيى ، قال : ثنا هشيم عن عثمان بن حكيم الأنصاري ، عن خارجة بن زيد ، عن زيد بن ثابت : " أن رسول الله - عليه السلام - صلى على قبر فكبر أربعا " .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ثلاثة طرق رجالها ثقات :

                                                الأول : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري وأبي داود ، عن شريك بن عبد الله النخعي ، عن عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف الأنصاري المدني ثم الكوفي ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن عمه يزيد -بفتح الياء آخر الحروف في أوله- ابن ثابت الأنصاري ، ويزيد هذا أكبر من أخيه زيد بن ثابت ، يقال : إنه شهد بدرا ، ويقال : إن ابن أخيه خارجة لم يسمع منه .

                                                وأخرجه النسائي : أنا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة ، قال : ثنا عبد الله بن نمير ، قال : ثنا عثمان بن حكيم ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن عمه يزيد بن ثابت : "أنهم خرجوا مع رسول الله - عليه السلام - ذات يوم فرأى قبرا جديدا ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذه فلانة مولاة فلان -فعرفها رسول الله - عليه السلام -- ماتت ظهرا وأنت صائم قائل فلم نحب أن نوقظك بها ، فقام رسول الله - عليه السلام - وصف الناس خلفه ، فكبر عليها أربعا ثم قال : لا يموت فيكم ميت ما دمت بين أظهركم إلا -يعني- آذنتموني به ، فإن صلاتي له رحمة " .

                                                الثاني : عن صالح بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني شيخ مسلم وأبي داود ، عن هشيم بن بشير ، عن عثمان بن حكيم . . . إلى آخره . [ ص: 332 ] وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا هشيم ، عن عثمان بن حكيم ، قال : ثنا خارجة بن زيد ، عن عمه يزيد بن ثابت : "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر امرأة فكبر أربعا " .

                                                الثالث : عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي ، عن يحيى بن يحيى النيسابوري شيخ مسلم ، عن هشيم بن بشير . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه " : من حديث هشيم ، عن عثمان . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي .

                                                ويستفاد منه حكمان : الأول أن تكبيرات الجنازة أربع ، والثاني : أن الصلاة على القبر جائزة .

                                                ثم إن العلماء اختلفوا فيه ، فقال ابن قدامة : لا يصلى على القبر بعد شهر ، وبهذا قال بعض أصحاب الشافعي ، وقال بعضهم : يصلى عليه أبدا ، واختاره ابن عقيل ; لأن النبي - عليه السلام - صلى على شهداء أحد بعد ثمان سنين حديث صحيح .

                                                وقال بعضهم : يصلى عليه ما لم يبل جسده .

                                                وقال أبو حنيفة : يصلي عليه الولي إلى ثلاث ولا يصلي عليه غيره ، قال : وقال إسحاق : يصلي عليه الغائب إلى شهر والحاضر إلى ثلاث ، وقال صاحب "المبسوط " : وإن دفن قبل الصلاة عليها صلي عليه في القبر ما لم يعلم أنه تفرق . وفي "الأمالي " عن أبي يوسف : يصلى عليه إلى ثلاثة أيام ، وهكذا ذكره ابن رستم عن محمد ; لأن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يصلون على رسول الله - عليه السلام - إلى ثلاثة أيام ، والصحيح أن هذا ليس بتقدير لازم ; لأنه يختلف باختلاف الأوقات في الحر والبرد ، وباختلاف الأمكنة وباختلاف حال الميت في السمن والهزال ، والمعتبر فيه أكثر للرأي ، والذي روي أنه - عليه السلام - صلى على شهداء أحد بعد ثمان سنين معناه : دعا لهم . [ ص: 333 ] وقال ابن حزم في "المحلى " : والصلاة جائزة على القبر ، وإن كان قد صلي على المدفون فيه ، وقال أبو حنيفة : إن دفن بلا صلاة صلي على القبر ما بين دفنه إلى ثلاثة أيام ، ولا يصلى عليه بعد ذلك ، وإن دفن بعد أن صلي عليه لم يصل أحد على قبره .

                                                وقال مالك : لا يصلى على قبر ، وروي ذلك عن إبراهيم النخعي . وقال الأوزاعي والشافعي وأبو سليمان : يصلى على القبر وإن كان قد صلي على المدفون فيه ، وروي ذلك عن ابن سيرين . انتهى .

                                                ثم الجواب عن صلاته - عليه السلام - على القبر بعد ما صلي على المدفون فيه : أنه - عليه السلام - قصد بذلك إيصال الرحمة إليه ، كما صرح بذلك في رواية النسائي : "فإن صلاتي له رحمة " ولا يوجد هذا المعنى في غيره ، فلا يصلى عليه اللهم إلا إذا دفن بغير صلاة ، فيصلى عليه على الخلاف المذكور .




                                                الخدمات العلمية