ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين .
[52] ولما أمر -صلى الله عليه وسلم- بإنذار غير المتقين؛ ليتقوا أمر بعد ذلك بتقريب المتقين، ونهي عن طردهم; تكريما لهم، وذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- كان قد عزم على إزالة بلال وأصحابه الفقراء من مجلسه، ومجالسة الأقرع بن حابس وأصحابه رجاء حسن إسلامهم، قالوا: وكتب لابن حابس بذلك كتابا، فنزل:
ولا تطرد الذين يدعون يعبدون.
ربهم بالغداة والعشي والمراد: الدوام على ذلك. قرأ (بالغدوة) بضم الغين وسكون الدال، وواو بعدها، وقرأ الباقون: بفتح الغين والدال، وألف بعدها. ابن عامر
يريدون بعملهم. [ ص: 402 ]
وجهه أي: يخلصون عملهم لله تعالى، ولما طعن في هؤلاء، وتكلم فيهم عند النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل:
ما عليك من حسابهم من شيء إن حسابهم إلا على الله.
وما من حسابك عليهم من شيء أي: لا تؤخذ بحسابهم، ولا هم بحسابك حتى يهمك إيمانهم بحيث تطرد المؤمنين طمعا فيه.
فتطردهم فتبعدهم، جواب للنفي، وهو قوله: ما عليك من حسابهم من شيء .
فتكون من الظالمين إن فعلت ذلك، جواب النهي، وهو قوله: ولا تطرد فدعاهم -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة .
* * *