الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 482 ] وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون .

[146] وعلى الذين هادوا يعني: اليهود.

حرمنا كل ذي ظفر وهو ما ليس بمفرق الأصابع; كالبط، والإبل، والنعام، وقيل: كل ذي مخلب من الطير، وحافر من الدواب، لما ذكر الله عز وجل ما حرم على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- عقبه بذكر ما حرم على اليهود؛ تكذيبا لهم في قولهم: إن الله لم يحرم علينا شيئا، وإنما نحن حرمنا على أنفسنا ما حرمه إسرائيل على نفسه، وهذا التحريم تكليف بلوى وعقوبة، فأول ما ذكر من المحرمات عليهم: كل ذي ظفر.

ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما وهي الثروب، وشحم الكليتين.

إلا ما حملت ظهورهما أي: ما علق بالظهر والجنب من داخل بطونهما. قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وورش، وابن عامر، وخلف: (حملت ظهورهما) وشبهه بإدغام التاء في الظاء، والباقون: بالإظهار.

أو الحوايا وهي المصارين.

أو ما اختلط بعظم هو شحم الألية; لما فيها من العظم، هذا كله [ ص: 483 ] دخل في الاستثناء، والتحريم مختص بالثرب وشحم الكلية.

ذلك جزيناهم أي: تحريم الطيبات عقوبة لهم.

ببغيهم بسبب ظلمهم; لأنها كانت حلالا لهم، فلما عصوا بقتلهم الأنبياء، وأخذهم الربا، واستحلال أموال الناس، حرمت عليهم.

وإنا لصادقون فيما أخبرنا.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية