الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها [ ص: 263 ] الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل .

[12] ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا من كل سبط نقيبا، والنقيب: الضمين والأمين، وهو الذي ينقب عن الأمور، ويتعرفها.

روي أن بني إسرائيل لما فرغوا من أمر فرعون، واستقروا بمصر، أمر الله موسى وقومه بالخروج إلى أريحا من أرض الشام، وكان يسكنها الكنعانيون الجبارون ومنهم عوج بن عنق وأصحابه، ونسبته لأم عناق بنت آدم عليه الصلاة والسلام، وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاث مئة وثلاثة وثلاثين وثلث ذراع، وكان يحتجز بالسحاب، ويشرب منه، ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها، ثم يأكله، وعاش ثلاثة آلاف سنة حتى أهلكه الله على يد موسى عليه الصلاة والسلام، وذلك أنه قطع صخرة على قدر عسكر موسى ليطرحها عليهم، وكان العسكر فرسخا في فرسخ، فبعث الله الهدهد، فقور الصخرة بمنقاره، فوقعت في عنقه، فصرعته، فوثب موسى عليه الصلاة والسلام، وكانت وثبته عشرة أذرع، وطوله مثل ذلك، وطول عصاته مثل ذلك، ولم يلحق إلا عرقوبه، فضربه فقتله، وترك بموضعه، وأردم عليه بالصخر والرمل، فكان كالجبل العظيم في صحراء مصر، ولما أمر الله بني إسرائيل بالخروج إلى أريحا، قال لهم: إني كتبتها لكم دار قرار، فاخرجوا إليها، وجاهدوا [ ص: 264 ] من فيها; فإني ناصركم عليهم، واتخذ موسى من قومه اثني عشر نقيبا، فعاهدهم أن يكفلوا بقومهم، ولا يحدثوهم بما يرون من الجبارين، فلما رأوهم وما هم عليه من عظم الأجساد، نقضوا العهد، وحدثوهم، إلا كالب بن يوقنا من سبط يهوذا ختن موسى على أخته مريم بنت عمران، ويوشع بن نون من سبط أفراييم بن يوسف فتى موسى، وأما أسماء العشرة الذين نقضوا العهد من النقباء، فهم شموع بن زكور من سبط روبين، وشافاط بن حوري من سبط شمعون، ويغال بن يوسف من سبط يساخر، وبلطي بن رافوا من سبط بنيامين، وكدي بن سودي من سبط زبولون، وكدي بن سوسي من سبط منشا بن يوسف، وعميال بن كملي من سبط دان، وستور بن ميخائيل من سبط آشر، ونحبى بن وقسي من سبط نفتالي، وكوئيل بن ماخي من سبط كاد، فهؤلاء الذين دعا موسى عليهم، فهلكوا مسخوطا عليهم.

وقال الله إني معكم ناصركم على عدوكم.

لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم عظمتموهم.

وأقرضتم الله قرضا حسنا بالإنفاق في سبيل الخير.

لأكفرن عنكم أي: لأمحون عنكم. [ ص: 265 ]

سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل أخطأ طريق الحق.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية