الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف [ ص: 113 ] محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم .

[25] ومن لم يستطع منكم طولا فضلا وسعة.

أن ينكح المحصنات الحرائر.

المؤمنات قرأ الكسائي (المحصنات) و (محصنات) بكسر الصاد حيث وقع، سوى (والمحصنات من النساء) في هذه السورة، وقرأ الباقون: بفتح جميعها، فالقراءة بكسر الصاد; أي: أحصن أنفسهن بالحرية، وبالفتح; أي: أحصنهن غيرهن من زوج أو ولي.

فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم إمائكم.

المؤمنات المعنى: من لم يجد طول حرة، فليتزوج أمة مؤمنة، وفيه دليل على أنه لا يجوز للحر نكاح الأمة إلا بشرطين:

أحدهما: ألا يجد طولا لنكاح حرة.

والثاني: أن يخاف على نفسه العنت، وهو الزنا; لقوله تعالى في آخر الآية: ذلك لمن خشي العنت منكم وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد.

وجوز أبو حنيفة للحر نكاح الأمة، إلا أن يكون في نكاحه أو عدته [ ص: 114 ] حرة، أما العبد فيجوز له نكاح الأمة، وإن كان في نكاحه حرة أو أمة عند الثلاثة، وعند أبي حنيفة لا يجوز إذا كان تحته حرة، وفي الآية دليل على أنه لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية; لأنه قال:

فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات وإليه ذهب الأئمة الثلاثة، وجوز أبو حنيفة للمسلم نكاح الأمة الكتابية، واتفقوا على إباحة وطئها بملك اليمين، وتقدم الحكم في نكاح الوثنيات والمجوسيات وغيرهن من أنواع المشركات في سورة البقرة.

والله أعلم بإيمانكم فاكتفوا بظاهر الإيمان; فإنه العالم بالسرائر، والمراد: تأنيسهم بنكاح الإماء، ومنعهم عن الاستنكاف منه، ثم نفى التفاخر فقال:

بعضكم من بعض كلكم ولد آدم، ودينكم الإسلام; أي: هن مثلكم.

فانكحوهن بإذن أهلهن أي: مواليهن.

وآتوهن أجورهن مهورهن.

بالمعروف من غير مطل.

محصنات عفائف بالنكاح.

غير مسافحات أي: زانيات جهرا.

ولا متخذات أخدان أي: أحباب يزنون بهن في السر.

فإذا أحصن أي: زوجن. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر، [ ص: 115 ] وخلف: (أحصن) بفتح الألف والصاد; أي: حفظن فروجهن.

فإن أتين بفاحشة أي: زنين.

فعليهن نصف ما على المحصنات الحرائر الأبكار إذا زنين.

من العذاب أي: الحد، فيجلد الرقيق خمسين جلدة ولو لم يكن تزوج، ذكرا كان أو أنثى، ولا يرجم بالاتفاق، وهل يغرب؟ قال الشافعي: يغرب نصف سنة، وقال الثلاثة: لا يغرب. فإن كان بعضه حرا، فقال أحمد: يجلد ويغرب بحسابه.

ذلك أي: نكاح الأمة.

لمن خشي العنت أي: الزنا.

منكم بغلبة الشهوة، وأصل العنت: الضيق والمشقة.

وأن تصبروا عن النساء متعففين.

خير لكم من نكاح الإماء; لئلا يخلق الولد رقيقا.

والله غفور رحيم لمن رخص له.

التالي السابق


الخدمات العلمية