الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 316 ]

قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل .

[60] قل يا محمد:

هل أنبئكم أخبركم.

بشر من ذلك الذي ذكرتم; يعني قولهم: لا نعلم دينا شرا من دينكم.

مثوبة ثوابا وجزاء.

عند الله والمثوبة به مختصة بالخير، كالعقوبة بالشر، فوضعت ها هنا موضعها توسعا، ونصبها على التمييز.

من لعنه الله أبعده من رحمته.

وغضب عليه يعني: اليهود، سخط عليهم بكفرهم، وانهماكهم في المعاصي بعد وضوح الآيات.

وجعل منهم القردة وهم أصحاب السبت.

والخنازير وهم كفار أهل مائدة عيسى، وعن ابن عباس: "أن المسخين كلاهما من أصحاب السبت، مسخت شبابهم قردة، ومشايخهم خنازير". [ ص: 317 ]

وعبد الطاغوت أطاع الشيطان. قرأ حمزة: (وعبد) بضم الباء وجر (الطاغوت) إضافة، جعله اسما على فعل; كعضد، فهو بناء للمبالغة والكثرة، وقرأ الباقون: بفتح الباء والتاء، جعلوه فعلا ماضيا، وعطفه على فعل ماض وهو (غضب) و (لعن)، والمعنى عندهم: ومن عبد الطاغوت.

أولئك أي: الملعونون.

شر مكانا لأن مكانهم النار.

وأضل عن سواء السبيل أي: عن طريق الحق، ولما نزلت هذه الآية، قال المسلمون لهم: يا إخوة القردة والخنازير! فنكسوا رؤوسهم افتضاحا.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية