الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا .

[171] يا أهل الكتاب الخطاب لليهود والنصارى; [فإنهم جميعا غلوا في أمر عيسى، فقالت طائفة من النصارى] وهم اليعقوبية والملكائية: عيسى هو الله، وقالت طائفة، وهم النسطورية: عيسى ابن الله، وقالت المرقوسية: عيسى ثالث ثلاثة آلهة: عيسى ومريم والله، [ ص: 236 ] علمهم ذلك رجل من اليهود يقال له: بولس، وقالت اليهود: هو ولد زنا، وكذبوا كلهم.

لا تغلوا لا تتجاوزوا الحد.

في دينكم بزيادة ولا نقصان، ولا تشركوا، وقوله: في دينكم معناه: في الدين الذي أنتم مطلوبون به، وأضافه إليهم بيانا أنهم مأخوذون به، وليست الإشارة إلى دينهم المضلل، ولا أمروا بالثبوت عليه دون غلو، وإنما أمروا بترك الغلو في دين الله، وأن يوحدوا.

ولا تقولوا أي: تذكروا.

على الله إلا القول.

الحق يعني: تنزيهه عن الصاحبة والولد.

إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته وهي قوله لعيسى: كن، فكان من غير أب.

ألقاها إلى مريم أوصلها إليها، وحصلها فيها.

وروح منه سمي عيسى روحا; لأنه ذو روح وجسد كغيره، وأضيف إلى الله تشريفا له، المعنى: لا نسبة ولا اتصال بين الله وعيسى، وليس بجزء منه، إلا أنه رسوله; لأن عيسى مركب، والله منزه عن التركيب، وإنما هو ابن مريم، وهو جزء منها، خلق من غير أب; لأنه مركب مثلها.

تلخيصه: ليس عيسى إلا بعض أمه لا غير; لأن (إنما) للحصر.

فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا هم. [ ص: 237 ]

ثلاثة وكانت النصارى يقولون: أب وابن وروح القدس.

انتهوا عن التثليث يكن الانتهاء.

خيرا لكم إنما الله إله واحد بالذات، لا تعدد فيه بوجه.

سبحانه أي: هو منزه عن:

أن يكون له ولد كما تزعمون أيها النصارى.

له ما في السماوات وما في الأرض ملكا وخلقا، لا يماثله شيء من ذلك فيتخذه ولدا.

وكفى بالله وكيلا فإنه مستغن عن الولد المحتاج إليه ليكون وكيلا لأبيه; لأنه سبحانه قائم بحفظ الأشياء، غير محتاج إلى من يعينه.

التالي السابق


الخدمات العلمية