الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2729 ص: وأما وجه ذلك من طريق النظر : فإنا رأينا الرجل ينظر من المرأة التي لا محرم بينه وبينها إلى وجهها وكفيها ، ولا ينظر إلى ما فوق ذلك من رأسها ولا إلى أسفل من بطنها وظهرها وفخذيها وساقيها .

                                                ورأيناه في ذات المحرم منه لا بأس أن ينظر منها إلى صدرها وشعرها ووجهها ورأسها وساقيها ، ولا ينظر إلى ما بين ذلك من بدنها ، وكذلك رأيناه ينظر من الأمة التي لا ملك له عليها ولا محرم بينه وبينها ، فكان ممنوعا من النظر من ذوات المحرم منه ومن الأمة التي ليست بمحرم له ولا ملك له عليها إلى فخذها كما كان ممنوعا من النظر إلى فرجها ، فصار حكم الفخذ من النساء كحكم الفرج لا حكم الساق ، فالنظر على ذلك أن يكون من الرجال أيضا ، كذلك وأن يكون حكم فخذ الرجل في النظر إليه كحكم فرجه في النظر إليه لا كحكم ساقه ، فلما كان النظر إلى فرجه محرما كان كذلك النظر إلى فخذه محرما ، وكذلك كل ما كان حراما على الرجل أن ينظر إليه من ذوات المحرم منه فحرام على الرجال أن ينظر إليه بعضهم من بعض ، وكل ما كان حلالا أن ينظر ذو المحرم من المرأة ذات المحرم معه فلا بأس أن ينظر إليه الرجال بعضهم من بعض ، فهذا هو أصل النظر في هذا الباب ، وقد وافق ذلك ما جاءت به الروايات التي رويناها عن رسول الله - عليه السلام - ، فبذلك نأخذ ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس ، فقد أثبته بمقدمات "صحيحه " وهي أن النظر إلى الأجنبية إلى غير وجهها وكفيها حرام ، وكذا إلى ذات المحرم منه إلى غير وجهها وكفيها وصدرها وشعرها ورأسها وساقيها حرام ، وكذا إلى الأمة الغير المملوكة ولا ذات المحرم منه . [ ص: 217 ] ففي الجميع كان النظر إلى الفخذ حراما ، فكان الفخذ فيهن كالفرج ، فالقياس على ذلك أن يكون حكم فخذ الرجل أيضا حكم الفرج ، فكما كان النظر إلى فرجه حراما كان النظر إلى فخذه أيضا حراما ، فنقول كل ما كان حراما على الرجل أن ينظر إليه من ذات المحرم منه ، كان حراما عليه أن ينظر إليه من الرجل ، وكل ما كان حلالا أن ينظر إليه منها كان حلالا أن ينظر إليه من الرجل ، فهذا أصل القياس الذي ينتج منه تحريم النظر إلى الفخذ ، فافهم . والله أعلم .




                                                الخدمات العلمية