الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2575 2576 2577 ص: حدثنا ابن مرزوق، ، قال: ثنا شيخ أحسبه أبا زيد الهروي ، قال: ثنا شعبة، ، عن خالد الحذاء، قال: سمعت أبا قلابة يحدث، عن عمه أبي المهلب، ، عن عمران ابن حصين: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر ثلاث ركعات، ثم سلم وانصرف، فقال له الخرباق: : يا رسول الله، إنك صليت ثلاثا، قال: فجاء فصلى ركعة ثم سلم، ثم سجد سجدتين للسهو، ثم سلم". .

                                                حدثنا نصر بن مرزوق، ، قال: ثنا الخصيب بن ناصح ، قال: ثنا وهيب، ، عن خالد الحذاء ... ، فذكر بإسناده مثله إلا أنه قال: "فقام إليه الخرباق وزعم أنها صلاة العصر".

                                                حدثنا ابن خزيمة، ، قال: ثنا معلى بن أسد، ، قال: ثنا وهيب ، عن خالد، ، عن أبي قلابة، ، عن أبي المهلب ، ، عن عمران بن حصين ، قال: " سلم رسول الله - عليه السلام - في ثلاث ركعات ، فدخل الحجرة مغضبا ، فقام الخرباق -رجل بسيط اليدين- فقال: يا رسول الله ، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: فخرج يجر رداءه فسأل; فأخبر; فصلى الركعة التي كان ترك وسلم ، ثم سجد سجدتين ثم سلم". .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ثلاث طرق صحاح :

                                                الأول : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي زيد الهروي ، واسمه سعيد بن الربيع الجرشي العامري البصري ، روى له مسلم والترمذي والنسائي . [ ص: 6 ] عن شعبة بن الحجاج ، عن خالد الحذاء روى له الجماعة ، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي أحد الأئمة الأحناف روى له الجماعة ، عن عمه أبي المهلب الجرمي البصري واسمه عمرو بن معاوية قاله النسائي . وقيل : عبد الرحمن بن معاوية ، وقيل : معاوية بن عمرو ، وقيل : عبد الرحمن بن عمرو ، وقيل : النضر بن عمرو ، روى له الجماعة : البخاري في غير "الصحيح" .

                                                عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا محمد بن جعفر ، نا شعبة ، عن خالد ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين قال : "صلى رسول الله - عليه السلام - الظهر أو العصر ثلاث ركعات ، ثم سلم فقال رجل من أصحاب النبي - عليه السلام - يقال له الخرباق : أقصرت الصلاة ؟ فسأل النبي - عليه السلام - فإذا هو كما قال ، قال : فصلى ركعة ثم سلم ، ثم سجد سجدتين ثم سلم" .

                                                الثاني : عن نصر بن مرزوق ، عن الخصيب -بفتح الخاء المعجمة- بن ناصح الحارثي البصري نزيل مصر ، وثقه أبو حاتم .

                                                عن وهيب بن خالد البصري ، عن خالد الحذاء . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير" : ثنا عبيد بن غنام ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا إسماعيل ابن علية ، عن خالد الحذاء عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين قال : "صلى رسول الله - عليه السلام - العصر فسلم في ثلاث ركعات ، ثم دخل ، فقام إليه رجل يقال له : الخرباق ، فقال : يا رسول الله ، فذكر له الذي صنع ، فخرج مغضبا يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس ، فقال : أصدق هذا ؟ قالوا : نعم; فصلى تلك الركعة ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتين ثم سلم . [ ص: 7 ] الثالث : عن محمد بن خزيمة ، عن معلى بن أسد البصري شيخ البخاري ، عن وهيب بن خالد البصري عن [ . . .] مسلم قال : ثنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : ثنا خالد -وهو الحذاء- عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال : "سلم رسول الله - عليه السلام - في ثلاث ركعات من العصر ، ثم قام ودخل الحجرة ، فقام رجل بسيط اليدين ، فقال : أقصرت الصلاة يا رسول الله ؟ فخرج مغضبا ، فصلى الركعة التي كان ترك ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتي السهو ، ثم سلم" .

                                                وبقي الكلام فيه من وجوه :

                                                الأول : في خرباق -وهو بكسر الخاء المعجمة- ابن عبد عمرو السلمي ، وهو الذي يقال له : ذو اليدين ، وذو الشمالين أيضا ، وكلاهما لقب عليه ، وقال السمعاني في "الأنساب" : ذو اليدين ويقال له : ذو الشمالين; لأنه كان يعمل بيديه جميعا ، وقال ابن حبان في "الثقات" : ذو اليدين ويقال له : ذو الشمالين أيضا ابن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي ، وقال أبو عبد الله العدني في "مسنده" قال : أبو محمد الخزاعي ، ذو اليدين أحد أجدادنا ، وهو ذو الشمالين بن عبد عمرو بن ثور بن ملكان بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر .

                                                وقال : ابن أبي شيبة في "مصنفه" : حدثنا ابن فضيل ، عن حصين ، عن عكرمة قال : "صلى النبي - عليه السلام - بالناس ثلاث ركعات ثم انصرف ، فقال له بعض القوم : حدث في الصلاة شيء ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا : لم تصل إلا ثلاث ركعات ، فقال : كذلك يا ذا اليدين -وكان يسمى ذا الشمالين- قال : نعم ; فصلى ركعة ، وسجد سجدتين" . [ ص: 8 ] وقال ابن الأثير في "معرفة الصحابة" : ذو اليدين اسمه الخرباق من بني سليم كان ينزل بذي خشب من ناحية المدينة ، وليس هو ذو الشمالين ، ذو الشمالين خزاعي حليف لبني زهرة ، قتل يوم بدر ، وذو اليدين عاش حتى روى عنه المتأخرون من التابعين ، وشهده أبو هريرة لما سهى رسول الله في الصلاة فقال ذو اليدين : "أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ " وكان الزهري يقول : إنه ذو الشمالين المقتول

                                                ببدر وإن قصة ذي الشمالين كانت قبل بدر ثم أحكمت الأمور بعد ذلك .

                                                قال القاضي عياض : وأما حديث ذي اليدين فقد ذكر مسلم في حديث عمران بن حصين أن اسمه الخرباق ، وكان في يديه طول وفي الرواية الأخرى : "بسيط اليدين" .

                                                وفي حديث أبي هريرة : "رجل من بني سليم " ووقع للعذري : "سلم " وهو خطأ وقد جاء في حديث عبيد بن عمير مفسرا فقال فيه : "ذو اليدين أخو بني سليم " وفي رواية الزهري : "ذو الشمالين رجل من بني زهرة ، وبسبب هذه الكلمة ذهب الحنفيون إلى أن حديث ذي اليدين منسوخ بحديث ابن مسعود ، قالوا : لأن ذا الشمالين قتل يوم بدر فيما ذكره أهل السير وهو من بني سليم ، فهو ذو اليدين المذكور في الحديث ، وهذا لا يصح لهم وإن كان قتل ذو الشمالين يوم بدر فليس هو بالخرباق وهو رجل آخر حليف بني زهرة اسمه عمير بن عبد عمرو من خزاعة بدليل رواية أبي هريرة حديث اليدين ومشاهدته خبره ، ولقوله : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - . . . " وذكر الحديث ، وإسلام أبي هريرة بخيبر بعد يوم بدر بسنتين ، فهو غير ذي الشمالين المستشهد ببدر ، وقد عدوا قول الزهري فيه هذا من وهمه ، وقد عدهما بعضهم حديثين في نازلتين وهو الصحيح ; لاختلاف صفتهما ; لأن في حديث الخرباق ذي الشمالين أنه سلم من ثلاث ، وفي حديث ذي اليدين من [ ص: 9 ] اثنتين ، وفي حديث الخرباق أنها العصر ، وفي حديث ذي اليدين الظهر بغير شك عند بعضهم ، وقد ذكر مسلم ذلك كله انتهى .

                                                وقال أبو عمر : ذو اليدين غير ذي الشمالين المقتول ببدر بدليل ما في حديث أبي هريرة ، وأما قول الزهري في هذا الحديث : إنه ذو الشمالين فلم يتابع عليه .

                                                قلت : الجواب عن ذلك كله مع تحرير الكلام في هذا الموضع .

                                                أنه وقع في كتاب النسائي أيضا : أنا هارون بن موسى الفروي ، حدثني أبو ضمرة ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : "نسي رسول الله - عليه السلام - في سجدتين ، فقال : ذو الشمالين : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ قال رسول الله : أصدق ذو اليدين ؟ قالوا : نعم . فقام رسول الله - عليه السلام - فأتم الصلاة " .

                                                وهذا أيضا سند صحيح .

                                                صرح فيه أيضا : أن ذا الشمالين هو ذو اليدين ، وقد تابع الزهري على ذلك عمران بن أبي أنس ، أنا عيسى بن حماد ، أنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : "أن رسول الله صلى يوما فسلم في ركعتين ثم انصرف ، فأدركه ذو الشمالين ، فقال : يا رسول الله أنقصت الصلاة أم نسيت ؟ فقال : لم تنقص الصلاة ، ولم أنس ، فقال : بلى والذي بعثك بالحق ، قال : رسول الله - عليه السلام - أصدق ذو اليدين ؟ قالوا : نعم فصلى بالناس ركعتين " .

                                                وهذا سند صحيح على شرط مسلم : وأخرج نحوه الطحاوي عن ربيع المؤذن عن شعيب بن الليث عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب . . . . إلى آخره على ما يجيء إن شاء الله تعالى . [ ص: 10 ] فثبت أن الزهري لم ينفرد بذلك وأن المخاطب للنبي هو ذو الشمالين ، وأن من قال ذلك لم يهم ولا يلزم من عدم تخريج ذلك في الصحيحين عدم صحته ، فثبت أن ذا اليدين وذا الشمالين واحد ، وهذا أولى من جعله رجلين ; لأنه خلاف الأصل في هذا الموضع .

                                                فإن قيل : أخرج البيهقي حديثا واستدل به على بقاء ذي اليدين بعد النبي - عليه السلام - فقال : الذي قتل ببدر هو ذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة حليف بني زهرة من خزاعة ، وأما ذو اليدين الذي أخبر النبي - عليه السلام - بسهوه فإنه بقي بعد النبي - عليه السلام - .

                                                كذا ذكره شيخنا أبو عبد الله الحافظ ثم خرج عنه بسنده إلى معدي بن سليمان قال : حدثني شعيب بن مطير ، عن أبيه ومطير حاضر فصدقه ، قال شعيب : يا أبتاه أخبرتني أن ذا اليدين لقيك بذي خشب ، فأخبرك أن رسول الله - عليه السلام - . . . " ثم قال البيهقي : وقال بعض الرواة في حديث أبي هريرة ، فقال ذو الشمالين : يا رسول الله أقصرت الصلاة ؟ وكان شيخنا أبو عبد الله يقول : كل من قال ذلك ، فقد أخطأ ، فإن ذا الشمالين تقدم موته ولم يعقب ، وليس له راو .

                                                قلت : سنده ضعيف ; لأن فيه معدي بن سليمان ، فقال أبو زرعة : واهي الحديث . وقال النسائي : ضعيف الحديث . وقال أبو حاتم : يحدث عن ابن عجلان . وقال ابن حبان : يروي المقلوبات عن الثقات ، والملزوقات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد .

                                                وفي سنده أيضا شعيب لم يعرف حاله ، وولده مطير قال فيه ابن الجارود : سمع ذا اليدين ، روى عنه ابنه شعيب ، لم يصح حديثه ، وفي "الضعفاء " للذهبي : لم يصح حديثه . وفي "الكاشف " : مطير بن سليم عن ذي الزوائد وعنه ابناه شعيب وسليم لم يصح حديثه . [ ص: 11 ] ولضعف هذا السند قال البيهقي في كتابه "المعرفة " : ذو اليدين بقي بعد النبي - عليه السلام - فيما يقال ، ولقد أنصف وأحسن في هذه العبارة ، ثم إن قول شيخه أبي عبد الله : "كل من قال ذلك فقد أخطأ " هو خطأ غير صحيح .

                                                روى مالك في "موطأه " : عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن سليمان ، عن أبي حثمة بلغني : "أن رسول الله - عليه السلام - ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار -الظهر أو العصر- فسلم من اثنتين ، فقال له ذو الشمالين -رجل من بني زهرة بن كلاب- أقصرت الصلاة . . . " الحديث ، وفي آخره : مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن مثل ذلك .

                                                فقد صرح في هذه الرواية أنه ذو الشمالين ، وأنه من بني زهرة .

                                                فإن قيل : هو مرسل . قلت : ذكر أبو عمر في "التمهيد " أنه يتصل من وجوه صحاح ، والدليل عليه ما ذكرناه مما رواه النسائي آنفا ، ثم قول الحاكم ، عن ذي الشمالين : "لم يعقب " يفهم من ظاهره أن ذا اليدين أعقب ، ولا أصل لذلك فيما قد علمناه ، والله أعلم . فإن قيل : إن ذا اليدين وذا الشمالين إذا كانا لقبا على شخص واحد على ما زعمتم فحينئذ يدل على أن أبا هريرة لم يحضر تلك الصلاة ، وذلك لأن ذا اليدين الذي هو ذو الشمالين قتل ببدر ، وأبو هريرة أسلم عام خيبر ، وهو متأخر بزمان كثير ، ومع هذا فأبو هريرة يقول : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - إحدى صلاتي العشي إما الظهر أو العصر . . . . " الحديث ، وفيه : "فقام ذو اليدين فقال : يا رسول الله . . . " .

                                                أخرجه مسلم وغيره ، وفي رواية : "صلى لنا رسول الله - عليه السلام - صلاة العصر فسلم في ركعتين ، فقام ذو اليدين . . . " الحديث . [ ص: 12 ] قلت : الجواب عن هذا الإشكال ما ذكره الطحاوي في هذا الباب على ما يجيء عن قريب إن شاء الله أن معناه : صلى بالمسلمين ، وهذا جائز في اللغة كما روي عن النزال بن سبرة قال : "قال لنا رسول الله : إنا وإياكم كنا ندعى بني عبد مناف . . . " الحديث ، والنزال لم ير رسول الله - عليه السلام - ، وإنما أراد بذلك : قال لقومنا ، وروي عن طاوس قال : "قدم علينا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - فلم يأخذ من الخضراوات شيئا " وإنما أراد : قدم بلدنا ; لأن معاذا إنما قدم اليمن في عهد رسول الله - عليه السلام - قبل أن يولد طاوس - رضي الله عنه - ، ومثله ما ذكره البيهقي في باب "البيان أن النهي مخصوص ببعض الأمكنة " : عن مجاهد قال : "جاءنا أبو ذر . . . " إلى آخره ثم قال البيهقي : مجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر ، وقوله : "جاءنا " أي جاء بلدنا ، فافهم .

                                                الوجه الثاني : فيه دليل على أن سجود السهو سجدتان .

                                                الثالث : فيه حجة لأصحابنا أن سجدتي السهو بعد السلام ، وهو حجة على الشافعي ومن تبعه في أنها قبل السلام .

                                                الرابع : أن الذي عليه السهو إذا ذهب من مقامه ثم عاد وقضى ما عليه هل يصح ؟ فظاهر الحديث يدل على أنه يصح ; لأنه قال : "فجاء فصلى ركعة " ، وفي رواية غيره من الجماعة : "فرجع رسول الله - عليه السلام - مقامه " .

                                                ولكن الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة : فعند الشافعية فيها وجهان أصحهما : أنه يصح ; لهذا الحديث ; لأنه ثبت في "صحيح مسلم " : "أنه مشى إلى الجذع وخرج السرعان " ، وفي رواية : "دخل منزله " ، وفي رواية : "دخل الحجرة ثم خرج ، ورجع الناس وبنى على صلاته .

                                                والوجه الثاني وهو المشهور عندهم : أن الصلاة تبطل بذلك ، وقال النووي وهذا مشكل وتأويل الحديث صعب على من أبطلها ، ونقل عن مالك : أنه ما لم ينتقض وضوؤه يجوز له ذلك وإن طال الزمن ، وكذا روي عن ربيعة مستدلين بهذا الحديث ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة : إذا سلم ساهيا على الركعتين [ ص: 13 ] وهو في مكانه لم يصرف وجهه عن القبلة ولم يتكلم ، يعود إلى القضاء لما عليه ولو اقتدى به رجل يصح اقتداؤه .

                                                أما إذا صرف وجهه عن القبلة فإن كان في المسجد ولم يتكلم فكذلك ; لأن المسجد كله في حكم مكان واحد ; لأنه مكان الصلاة ، وإن كان خرج من المسجد ثم تذكر لا يعود وتفسد صلاته .

                                                وأما إذا كان في الصحراء فإن تذكر قبل أن يجاوز الصفوف من خلفه أو من قبل اليمن أو اليسار عاد إلى قضاء ما عليه وإلا فلا ، وإن مشى أمامه لم يذكره في الكتاب .

                                                وقيل : إن مشى قدر الصفوف التي خلفه تفسد وإلا فلا ، وهو مروي عن أبي يوسف اعتبارا لأحد الجانبين بالآخر ، وقيل : إذا جاوز موضع سجوده لا يعود وهو الأصح ، وهذا إذا لم يكن بين يديه سترة ، فإن كان ، يعود ما لم يجاوزها ; لأن داخل السترة في حكم المسجد والله أعلم ، وأجابوا عن الحديث أنه منسوخ على ما يجيء إن شاء الله تعالى .

                                                قوله : "مغضبا " بفتح الضاد .

                                                قوله : "يجر رداءه " جملة حالية .

                                                قوله : "فأخبر " على صيغة المجهول ، أي : أخبر النبي - عليه السلام - أن الأمر كما قاله الخرباق .




                                                الخدمات العلمية