الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2895 2896 ص: ورووا في ذلك أيضا عن سمرة بن جندب ، حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا أبو معمر ، قال : ثنا عبد الوارث ، قال : ثنا عقبة بن سيار ، قال : حدثني عثمان بن جحاش ، وكان ابن أخي سمرة بن جندب ، قال : " مات ابن لسمرة ، قد كان سقي ماء ، فسمع بكاء فقال : ما هذا ؟ فقالوا : على فلان مات ، فنهى عن ذلك ، ثم دعا بطست أو نقير فغسل بين يديه ، وكفن بين يديه ، ثم قال لمولاه فلان : انطلق به إلى حفرته ، فإذا وضعته في لحده فقل : بسم الله وعلى سنة رسول الله ، ثم أطلق عقد رأسه ، وعقد رجليه ، وقل : اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ، قال : ولم يصل عليه " .

                                                حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا شعبة ، عن جلاس ، عن ابن جحاش ، عن سمرة بن جندب : "أن صبيا لهم مات ، فقال : ادفنوه ولا تصلوا عليه ; فإنه ليس عليه إثم ، ثم ادعوا الله لأبويه أن يجعله لهما فرطا وسلفا " .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي روى هؤلاء القوم فيما ذهبوا إليه أيضا عن سمرة بن جندب ، وأخرج حديثه من طريقين :

                                                الأول : عن أحمد بن داود المكي شيخ الطبراني أيضا ، عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد البصري شيخ البخاري وأبي داود ، عن عبد الوارث بن سعيد التميمي أبي عبيدة البصري روى له الجماعة ، عن عقبة بن سيار أبي الجلاس الشامي نزيل البصرة وثقه يحيى وابن حبان وروى له أبو داود ، [ ص: 410 ] عن عثمان بن جحاش ابن أخي سمرة بن جندب وثقه ابن حبان ، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه البيهقي : من حديث عبد الوارث ، عن عقبة بن سيار ، حدثني عثمان ابن أخي سمرة قال : "مات ابن لسمرة -وفيه- قال : انطلق به إلى حفرته ، فإذا وضعته في لحده فقل : بسم الله وعلى سنة رسول الله - عليه السلام - ، ثم أطلق عقد رأسه وعقد رجليه " .

                                                الثاني : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير بن حازم ، عن شعبة ، عن جلاس -بضم الجيم وتخفيف اللام- وهو أبو الجلاس عقبة بن سيار ، وقال شعبة في روايته : حدثني جلاس بدون ذكر أبي . وقال ابن ماكولا : أبو الجلاس عقبة بن سيار ، وقيل : ابن يسار بتقديم الياء آخر الحروف ، ويقال : ابن شماس ، يروي عن عثمان بن جحاش روى عنه شعبة فلم يضبط اسمه ، فقال : حدثني الجلاس ، وروى عنه عبد الوارث فضبطه ، وجلاس أو أبو جلاس يروي عن ابن جحاش وهو عثمان بن جحاش ابن أخي سمرة بن جندب ووقع في رواية ابن أبي شيبة : علي بن جحاش حيث قال : ثنا غندر ، ثنا شعبة ، قال : ثنا جلاس السلمي ، قال : سمعت علي بن جحاش قال : سمعت سمرة بن جندب ومات ابن له صغير فقال : "اذهبوا به فادفنوه ، ولا تصلوا عليه ; فإنه ليس عليه إثم ، وادعوا الله لوالديه أن يجعله لهما فرطا وأجرا " .

                                                قوله : "ثم دعا بطست " وهو التور ، وهو إناء من صفر ويقال فيه بفتح الطاء وكسرها ، ويقال : طس أيضا بالفتح والكسر ، ويقال : طسه أيضا بالفتح والكسر ، وأصل طست : طس ، والتاء فيه بدل من السين بدليل جمعه على طسوس ، وطساس والعامة يقولونه بالشين المعجمة . [ ص: 411 ] و"النقير " بفتح النون وكسر القاف أصله النخل ينقر وسطه وينبذ فيه التمر أيضا .

                                                قوله : "فلان " بالجر لأنه بدل من قوله : "لمولاه " والمراد به مولاه الأسفل وهو الذي تحت رقه ، أو أعتق منه .

                                                قوله : "لا تحرمنا " من حرمه الشيء يحرمه حرما ، من باب ضرب يضرب ، والحرم بكسر الراء نحو سرق سرقا بكسر الراء ، ونحوه حرمه حريمة وحرمانا ، وأحرمه أيضا إذا منعه إياه ، وقد تقدم تفسير الفرط ، والسلف من سلف المال كأنه قد أسلفه وجعله ثمنا للأجر والثواب الذي يجازى على الصبر عليه ، وقيل : سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته ، ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين : السلف الصالح .

                                                ويستفاد منه أحكام :

                                                النهي عن البكاء على الميت ولكن هذا فيما إذا كان بصوت . وأما إذا كان بدون صوت فلا بأس به .

                                                وأن الطفل يغسل وأنه يكفن وأنه لا يصلى عليه .

                                                وأن السنة لواضع الميت في قبره أن يقول : بسم الله وعلى سنة رسول الله ، وأنه يحل العقد من رأسه ورجليه ; لأنه إنما كان لخوف انتشار الكفن ، وقد حصل الأمن عنه بعد وضعه في القبر .




                                                الخدمات العلمية