2755 2756 2757 2758 2759 2760 ص: ثم رجعنا إلى ما روي في هذا الباب من الآثار ، هل فيه شيء يبيح المشي خلف الجنازة ؟ فإذا ربيع الجيزي ، وابن أبي داود ، قد حدثانا ، قالا : ثنا أبو زرعة ، قال : أنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك : " أن رسول الله - عليه السلام - وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - كانوا يمشون أمام الجنازة وخلفها " .
حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بكر البرساني ، عن يونس بن يزيد . . ثم ذكر بإسناده مثله .
ففي هذا الحديث أن رسول الله - عليه السلام - كان يمشي خلف الجنازة كما كان يمشي أمامها ، فإن كان مشي رسول الله - عليه السلام - وأبي بكر وعمر أمام الجنازة حجة لكم أن ذلك أفضل من المشي خلفها ، فكذلك مشي رسول الله - عليه السلام - وأبي بكر وعمر خلفها حجة لمخالفكم عليكم أن ذلك أفضل من المشي أمامها ، فقد استوى خصمكم وأنتم في هذا الباب ، فلا حجة لكم فيه عليه .
وقد حدثنا أبو بكرة ، وابن مرزوق ، قالا : ثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : ثنا سعيد بن عبيد الله ، عن زياد بن جبير ، عن أبيه ، عن المغيرة بن شعبة ، قال : قال رسول الله - عليه السلام - : " الراكب خلف الجنازة ، والماشي حيث شاء منها " .
فأباح في هذا الحديث أيضا رسول الله - عليه السلام - المشي خلف الجنازة كما أباح المشي أمامها ، وليس في شيء مما ذكرنا ما يدل على الأفضل من ذلك ما هو ؟ .
وقد روي عن أنس بن مالك ما معناه قريب من معنى حديث المغيرة ، ولم يذكر عن النبي - عليه السلام - .
حدثنا روح بن الفرج ، قال : ثنا يوسف بن عدي ، قال : ثنا أبو بكر بن عياش ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك في الرجل يتبع الجنازة قال : "إنما أنتم مشيعون لها ، فامشوا بين يديها ، وخلفها ، وعن يمينها ، وعن شمالها " . [ ص: 251 ] حدثنا روح الفرج ، قال : ثنا ابن غفير ، قال : حدثني يحيى بن أيوب ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، مثله .
وقد روي عن رسول الله - عليه السلام - في ذلك أيضا ما حدثنا عبد الغني بن رفاعة اللخمي ، قال : ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : ثنا شعبة ، عن أشعث بن سليم ، قال : سمعت معاوية بن سويد بن مقرن ، قال : سمعت البراء بن عازب يقول : " أمرنا رسول الله - عليه السلام - باتباع الجنازة " . ففي هذا الحديث أنه أمرهم باتباع الجنازة ، والمتبع للشيء هو المتأخر عنه لا المتقدم أمامه ، ففيما ذكرنا ما قد دل على فساد قول الزهري : "إن المشي خلف الجنازة من خطأ السنة " .


