قلت: هذا الذي قاله لا يتعين; لما عرفت أن "سمع" إن تعلقت بما يسمع نحو "سمعت مقالة بكر" فلا خلاف أنها تتعدى لواحد، وإن تعلقت بما لا يسمع فلا يكتفى به أيضا بلا خلاف; بل لا بد من ذكر شيء يسمع فلو قلت: "سمعت زيدا" وسكت، أو "سمعت زيدا يركب" لم يجز. فإن قلت: سمعته يقرأ صح. وجرى في ذلك خلاف بين النحاة، فأبو علي يجعلها متعدية لاثنين ولا يتمشى عليه قول وغيره يجعلها متعدية لواحد، ويجعل الجملة بعد المعرفة حالا، وبعد النكرة صفة، وهذا أراد الزمخشري، الزمخشري.
قوله: "إبراهيم" في رفع " إبراهيم " أوجه أحدها: أنه مرفوع على ما لم يسم فاعله أي: قال له هذا اللفظ، ولذلك قال "فالمراد الاسم لا المسمى" وفي هذه المسألة خلاف بين النحويين: أعني تسلط القول على المفرد الذي لا يؤدي معنى جملة، ولا هو مقتطع من جملة، ولا هو مصدر لـ "قال"، ولا هو صفة لمصدره نحو: قلت زيدا، أي: قلت هذا اللفظ، [ ص: 176 ] فاختاره جماعة أبو البقاء: كالزجاجي والزمخشري وابن خروف وابن مالك، ومنعه آخرون. وممن اختار رفع " إبراهيم " على ما ذكرت الزمخشري أما إذا كان المفرد مؤديا معنى جملة كقولهم: قلت خطبة وشعرا وقصيدة، أو اقتطع من جملة كقوله: وابن عطية.
3354 - إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة معتقة مما يجيء به التجر
أو كان مصدرا نحو: قلت قولا، أو صفة له نحو: قلت حقا أو باطلا، فإنه يتسلط عليه. كذا قالوا: وفي قولهم "المفرد المقتطع من الجملة" نظر لأن هذا لم يتسلط عليه القول، إنما يتسلط على الجملة المشتملة عليه.
الثاني: أنه خبر مبتدأ مضمر أي: يقال له: هذا إبراهيم، أو هو إبراهيم. الثالث: أنه مبتدأ محذوف الخبر أي: يقال له: إبراهيم فاعل ذلك. الرابع: أنه منادى وحرف النداء محذوف أي: يا إبراهيم، وعلى الأوجه الثلاثة فهو مقتطع من جملة، وتلك الجملة محكية بيقال. وقد تقدم تقرير هذا في البقرة عند "وقولوا حطة" رفعا ونصبا. وفي الأعراف عند قوله "قالوا معذرة" رفعا ونصبا.
والجملة من "يقال له" يحتمل أن تكون مفعولا آخر نحو قولك: "ظننت [ ص: 177 ] زيدا كاتبا شاعرا" وأن تكون صفة على رأي ومن تابعه، وأن تكون حالا من "فتى". وجاز ذلك لتخصصها بالوصف. الزمخشري