الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (20) قوله : ما لي لا أرى الهدهد : هذا استفهام توقيف، ولا حاجة إلى ادعاء القلب، وأن الأصل: ما للهدهد لا أراه؟ إذ المعنى قوي دونه. والهدهد معروف. وتصغيره على هديهد وهو القياس. وزعم بعض النحويين أنه تقلب ياء تصغيره ألفا، فيقال: هداهد. وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      3553 - كهداهد كسر الرماة جناحه يدعو بقارعة الطريق هديلا



                                                                                                                                                                                                                                      كما قالوا دوابة وشوابة، في: دويبة وشويبة. ورده بعضهم: بأن الهداهد الحمام، الكثير ترجيع الصوت. تزعم العرب أن جارحا في زمان الطوفان، اختطف فرخ حمامة تسمى الهديل. قالوا: فكل حمامة تبكي فإنما تبكي على الهديل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 592 ] قوله: "أم كان" هذه "أم" المنقطعة وقد تقدم الكلام فيها. وقال ابن عطية: قوله "ما لي لا أرى الهدهد" مقصد الكلام: الهدهد غاب، ولكنه أخذ اللازم عن مغيبه: وهو أن لا يراه، فاستفهم على جهة التوقف عن اللازم، وهذا ضرب من الإيجاز. والاستفهام الذي في قوله: " ما لي " ناب مناب الألف التي تحتاجها "أم". قال الشيخ: "فظاهر كلامه أن "أم" متصلة، وأن الاستفهام الذي في قوله "ما لي" ناب مناب ألف الاستفهام. فمعناه: أغاب عني الآن فلم أره حال التفقد أم كان ممن غاب قبل، ولم أشعر بغيبته؟". قلت: لا يظن بأبي محمد ذلك، فإنه لا يجهل أن شرط المتصلة تقدم همزة الاستفهام أو التسوية لا مطلق الاستفهام.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية