الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (37) قوله : من عجل : فيه قولان، أحدهما: أنه من باب القلب. والأصل: خلق العجل من الإنسان لشدة صدوره منه وملازمته له. وإلى هذا ذهب أبو عمرو. وقد يتأيد هذا بقراءة عبد الله "خلق العجل من الإنسان" والقلب موجود. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      3340 - حسرت كفي عن السربال آخذه . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      يريد: حسرت السربال عن كفي. ومثله في الكلام: "إذا طلعت الشعرى استوى العود على الحرباء" وقالوا: عرضت الناقة على الحوض. وقد قدمت منه أمثلة غير هذه. إلا أن بعضهم يخصه بالضرورة، وقد قدمت فيه مذاهب ثلاثة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 157 ] والثاني: أنه لا قلب فيه وفيه تأويلات، أحسنها: أن ذلك على المبالغة، جعل ذات الإنسان كأنها خلقت من نفس العجلة، دلالة على شدة اتصاف الإنسان بها، وأنها مادته التي أخذ منها. ومثله في المبالغة من جانب النفي قوله عليه السلام: "لست من الدد، ولا الدد مني" والدد: اللعب. وفيه لغات: "دد" محذوف اللام و "ددا" مقصورا كـ "عصا" و "ددن" بالنون. وألفه في إحدى لغاته مجهولة الأصل لا ندري: أهي عن ياء أو واو؟.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: العجل: الطين بلغة حمير، أنشد أبو عبيدة على ذلك لشاعر منهم:


                                                                                                                                                                                                                                      3341 - النبع في الصخرة الصماء منبته     والنخل منبته في الماء والعجل



                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري بعد إنشاده عجز هذا البيت: "والله أعلم بصحته" وهو معذور.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا الجار يحتمل تعلقه بـ "خلق" على المجاز أو الحقيقة المتقدمين، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال كأنه قيل: خلق الإنسان عجلا. كذا قال أبو البقاء. والأول أولى.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 158 ] وقرأ العامة "خلق" مبنيا للمفعول. "الإنسان" مرفوعا لقيامه مقام الفاعل. وقرأ مجاهد وحميد وابن مقسم "خلق" مبنيا للفاعل. "الإنسان" نصبا مفعولا به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية