الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (93) قوله : أمرهم : فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه منصوب على إسقاط حرف الخفض أي: تفرقوا في أمرهم. الثاني: أنه مفعول به، وعدى تقطعوا لأنه بمعنى قطعوا. الثالث: أنه تمييز. وليس بواضح معنى وهو معرفة، فلا يصح من جهة صناعة البصريين. قال أبو البقاء: "وقيل: هو تمييز أي تقطع أمرهم" فجعله منقولا من الفاعلية.

                                                                                                                                                                                                                                      و "زبرا" يجوز أن يكون مفعولا ثانيا على أن يضمن "تقطعوا" معنى صيروا بالتقطيع، وإما أن ينتصب على الحال من المفعول - أي: مثل زبر أي: كتب; فإن الزبر جمع زبور كرسل جمع رسول، أو يكون حالا من الفاعل. نقله أبو البقاء في سورة المؤمنين. وفيه نظر; إذ لا معنى له، وإنما يظهر كونه حالا من الفاعل في قراءة "زبرا" بفتح الباء أي فرقا. والمعنى: صيروا أمرهم زبرا أو تقطعوه في هذه الحال. والوجهان مأخوذان من تفسير الزمخشري لمعنى الآية الكريمة، فإنه قال: "والمعنى: جعلوا أمر دينهم [ ص: 197 ] فيما بينهم قطعا كما يتوزع الجماعة [الشيء] ويقتسمونه، فيطير لهذا نصيب ولذلك نصيب، تمثيلا لاختلافهم فيه وصيرورتهم فرقا وأحزابا".

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الكلام التفات من الخطاب وهو قوله "أمتكم" إلى الغيبة تشنيعا عليهم بسوء صنيعهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الأعمش بفتح الباء جمع زبرة، وهي قطعة الحديد في الأصل. ونصبه على الحال من ضمير الفاعل في "تقطعوا" وقد تقدم. ولم يتعرض له أبو البقاء في هذه السورة وتعرض له في المؤمنين فذكر فيه الأوجه المتقدمة وزاد أنه قرئ "زبرا" بسكون الباء، وهو بمعنى مضمومها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية