الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (45) قوله : أن يفرط : "أن يفرط" مفعول "نخاف". ويقال: فرط يفرط: سبق وتقدم، ومنه الفارط. وهو الذي يتقدم الورادة إلى الماء وفرس فرط: يسبق الخيل، أي: نخاف أن يعجل علينا بالعقوبة ويبادرنا بها، قاله الزمخشري، ومن ورود الفارط بمعنى المتقدم على الواردة قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      3292- واستعجلونا وكانوا من صحابتنا كما تقدم فراط لوراد



                                                                                                                                                                                                                                      وفي الحديث: "أنا فرطكم على الحوض" أي: سابقكم ومتقدمكم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 44 ] وقرأ يحيى بن وثاب وابن محيصن وأبو نوفل "يفرط" بضم حرف المضارعة وفتح الراء على البناء للمفعول، والمعنى: خافا أن يسبق في العقوبة. أي: يحمله حامل عليها وعلى المعاجلة بها: إما قومه وإما حب الرئاسة، وإما ادعاؤه الإلهية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن محيصن في رواية والزعفراني: "أن يفرط" بضم حرف المضارعة وكسر الراء من أفرط. قال الزمخشري: "من أفرطه غيره إذا حمله على العجلة، خافا أن يحمله حامل على المعاجلة بالعقاب". قال كعب بن زهير:


                                                                                                                                                                                                                                      3293 - تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه     من صوب سارية بيض يعاليل



                                                                                                                                                                                                                                      أي: سبقت إليه هذه البيض لتملأه. وفاعل "يفرط" ضمير فرعون. وهذا هو الظاهر الذي ينبغي أن لا يعدل عنه. وجعله أبو البقاء مضمرا لدلالة الكلام عليه فقال: "فيجوز أن يكون التقدير: أن يفرط علينا منه قول، فأضمر [ ص: 45 ] القول لدلالة الحال عليه كما تقول: فرط مني قول، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في "يطغى".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية