الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (82) قوله : ويكأن الله : و "ويكأنه" فيه مذاهب منها: أن "وي" كلمة برأسها وهي اسم فعل معناها أعجب أي أنا. والكاف للتعليل، وأن وما في حيزها مجرورة بها أي: أعجب لأنه لا يفلح الكافرون، وسمع "كما أنه لا يعلم غفر الله له". وقياس هذا القول أن يوقف على "وي" وحدها، وقد فعل ذلك الكسائي. إلا أنه ينقل عنه أنه يعتقد في الكلمة أن أصلها: ويلك كما سيأتي، وهذا ينافي وقفه. وأنشد سيبويه:


                                                                                                                                                                                                                                      3628 - وي كأن من يكن له نشب يحـ ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضر



                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: قال بعضهم: قوله: "كأن" هنا للتشبيه، إلا أنه ذهب منها معناه، وصارت للخبر واليقين. وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      3629 - كأنني حين أمسي لا تكلمني     متيم يشتهي ما ليس موجودا



                                                                                                                                                                                                                                      وهذا أيضا يناسبه الوقف على "وي".

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 698 ] الثالث: أن "ويك" كلمة برأسها، والكاف حرف خطاب، و "أن" معموله محذوف أي: أعلم أنه لا يفلح. قاله الأخفش. وعليه قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3630 - ألا ويك المسرة لا تدوم     ولا يبقى على البؤس النعيم



                                                                                                                                                                                                                                      وقال عنترة:


                                                                                                                                                                                                                                      3631 - ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها     قيل الفوارس ويك عنتر أقدم



                                                                                                                                                                                                                                      وحقه أن يقف على "ويك" وقد فعله أبو عمرو بن العلاء.

                                                                                                                                                                                                                                      الرابع: أن أصلها ويلك فحذف. وإليه ذهب الكسائي ويونس وأبو حاتم. وحقهم أن يقفوا على الكاف كما فعل أبو عمرو. ومن قال بهذا استشهد بالبيتين المتقدمين; فإنه يحتمل أن يكون الأصل فيهما: ويلك، فحذف. ولم يرسم في القرآن إلا: ويكأن، ويكأنه متصلة في الموضعين، فعامة القراء اتبعوا الرسم، والكسائي وقف على "وي"، وأبو عمرو على ويك. وهذا كله في وقف الاختبار دون الاختيار كنظائر تقدمت.

                                                                                                                                                                                                                                      الخامس: أن "ويكأن" كلها كلمة متصلة بسيطة، ومعناها: ألم تر، وربما [ ص: 699 ] نقل ذلك عن ابن عباس. ونقل الكسائي والفراء أنها بمعنى: أما ترى إلى صنع الله. وحكى ابن قتيبة أنها بمعنى: رحمة لك، في لغة حمير.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "لولا أن من" قرأ الأعمش "لولا من" بحذف "أن" وهي مرادة; لأن "لولا" هذه لا يليها إلا المبتدأ. وعنه "من" برفع النون وجر الجلالة وهي واضحة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "لخسف" حفص: "لخسف" مبنيا للفاعل أي: الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      والباقون ببنائه للمفعول. و "بنا" هو القائم مقام الفاعل. وعبد الله وطلحة "لانخسف بنا" أي: المكان. وقيل: "بنا" هو القائم مقام الفاعل، كقولك "انقطع بنا" وهي عبارة. . . وقيل: الفاعل ضمير المصدر أي: لانخسف الانخساف، وهي عي أيضا. وعن عبد الله "لتخسف" بتاء من فوق وتشديد السين مبنيا للمفعول، و "بنا" قائمة مقامه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية