الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (65) قوله : والفلك : العامة على نصب "الفلك" وفيه وجهان، أحدهما: أنها عطف على "ما في الأرض" أي: سخر لكم ما في الأرض، وسخر لكم الفلك. وأفردها بالذكر، وإن اندرجت بطريق العموم تحت "ما". ومن قوله: "ما في الأرض" لظهور الامتنان بها ولعجيب تسخيرها دون سائر المسخرات. و "تجري" على هذا حال. الثاني: أنها عطف على الجلالة بتقدير: ألم تر أن الفلك تجري في البحر، فتجري خبر على هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وضم لام "الفلك" هنا الكسائي فيما رواه عن الحسن، وهي قراءة ابن مقسم. وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة والأعرج وأبو حيوة والزعفراني برفع "والفلك" على الابتداء وتجري بعده الخبر. ويجوز أن يكون ارتفاعه عطفا على محل اسم "أن" عند من يجوز ذلك نحو: "إن زيدا وعمرو قائمان" وعلى هذا فـ "تجري" حال أيضا. و "بأمره" الباء [650/ب] للسببية. قوله: "أن تقع" فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنها في محل نصب أو جر لأنها على حذف حرف الجر تقديره: [ ص: 303 ] من أن تقع. الثاني: أنها في محل نصب فقط; لأنها بدل من "السماء" بدل اشتمال. أي: ويمسك وقوعها يمنعه. الثالث: أنها في محل نصب على المفعول من أجله، فالبصريون يقدرون: كراهة أن تقع. والكوفيون: لئلا تقع.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "إلا بإذنه" في هذا الجار وجهان، أحدهما: أنه متعلق بـ "تقع" أي: إلا بإذنه فتقع. والثاني: أنه متعلق بيمسك. قال ابن عطية: "ويحتمل أن يعود قوله "إلا بإذنه" على الإمساك، لأن الكلام يقتضي بغير عمد ونحوه، كأنه أراد: إلا بإذنه فبه يمسكها" قال الشيخ: "ولو كان على ما قال لكان التركيب: بإذنه، دون أداة الاستثناء. ويكون التقدير: ويمسك السماء بإذنه". قلت: وهذا الاستثناء مفرغ، ولا يقع في موجب، لكنه لما كان الكلام قبله في قوة النفي ساغ ذلك، إذ التقدير: لا يتركها تقع إلا بإذنه. والذي يظهر أن هذه الباء حالية أي: إلا ملتبسة بأمره.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية