الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (30) قوله : ذلك : خبر مبتدأ مضمر أي: الأمر والشأن ذلك. قال الزمخشري: "كما يقدم الكاتب جملة من كتابه في بعض المعاني، ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال: هذا وقد كان كذا". وقدره ابن عطية: "فرضكم ذلك، أو الواجب ذلك". وقيل: هو مبتدأ خبره محذوف. أي: ذلك الأمر الذي ذكرته. وقيل: في محل نصب أي: امتثلوا ذلك. ونظير هذه الإشارة قول زهير، بعد تقدم جمل في وصف هرم بن سنان:


                                                                                                                                                                                                                                      3386 - هذا وليس كمن يعيا بخطبته وسط الندي إذا ما ناطق نطقا



                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فهو" "هو" ضمير المصدر المفهوم من قوله "ومن يعظم" أي: وتعظيمه حرمات الله خير له كقوله تعالى: "اعدلوا هو أقرب" و "خير" هنا ظاهرها التفضيل بالتأويل المعروف.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "إلا ما يتلى عليكم" يجوز أن يكون استثناء متصلا، ويصرف إلى ما يحرم من بهيمة الأنعام لسبب عارض كالموت ونحوه، وأن يكون استثناء منقطعا; إذ ليس فيها محرم وقد تقدم تقرير هذا الوجه أول المائدة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 270 ] قوله: "من الأوثان" في "من" ثلاثة أوجه، أحدها: أنها لبيان الجنس، وهو مشهور قول المعربين، ويتقدر بقولك: الرجس الذي هو الأوثان. وقد تقدم أن شرط كونها بيانية ذلك. وتجيء مواضع كثيرة لا يتأتى فيها ذلك ولا بعضه. والثاني: أنها لابتداء الغاية. وقد خلط أبو البقاء القولين فجعلهما قولا واحدا فقال: "ومن لبيان الجنس أي: اجتنبوا الرجس من هذا القبيل، وهو بمعنى ابتداء الغاية ههنا" يعني أنه في المعنى يؤول إلى ذلك، ولا يؤول إليه البتة. الثالث: أنها للتبعيض. وقد غلط ابن عطية القائل بكونها للتبعيض، فقال: "ومن قال: إن "من" للتبعيض قلب معنى الآية فأفسده" وقد يمكن التبعيض فيها: بأن يعني بالرجس عبادة الأوثان. وبه قال ابن عباس وابن جريج، فكأنه قال: فاجتنبوا من الأوثان الرجس وهو العبادة; لأن المحرم من الأوثان إنما هو العبادة ألا ترى أنه قد يتصور استعمال الوثن في بناء وغيره مما لم يحرم الشرع استعماله، وللوثن جهات منها عبادتها، وهي بعض جهاتها. قاله الشيخ. وهو تأويل بعيد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية