الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (36) قوله : إن يتخذونك : "إن" هنا نافية، وهي وما في حيزها جواب الشرط بـ إذا، و "إذا" مخالفة لأدوات الشرط في ذلك، فإن أدوات الشرط متى أجيبت بـ "إن" النافية أو بـ "ما" النافية وجب الإتيان بالفاء تقول: إن أتيتني فإن أهنتك وفما أهنتك. وتقول: إذا أتيتني ما أهنتك بغير فاء يدل له قوله تعالى: "وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا".

                                                                                                                                                                                                                                      و "اتخذ" هنا متعدية لاثنين. و "هزوا" هو الثاني: إما على حذف مضاف، وإما على الوصف بالمصدر مبالغة، وإما على وقوعه موقع اسم المفعول.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي جواب "إذا" قولان، أحدهما: أنه "إن" النافية، وقد تقدم ذلك. والثاني: أنه محذوف، وهو القول الذي قد حكى به الجملة الاستفهامية في قوله: "أهذا الذي يذكر آلهتكم" إذ التقدير: وإذا رآك الذين كفروا يقولون: أهذا الذي. وتكون الجملة المنفية معترضة بين الشرط وبين جوابه المقدر.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وهم بذكر الرحمن هم كافرون" "هم" الأولى مبتدأ مخبر عنه بـ "كافرون"، و "بذكر" متعلق بالخبر. والتقدير: وهم كافرون بذكر. و "هم" الثاني تأكيد للأول تأكيدا لفظيا، فوقع الفصل بين العامل ومعموله بالمؤكد، وبين المؤكد والمؤكد بالمعمول.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه الجملة قولان، أحدهما: أنه في محل نصب على الحال من [ ص: 156 ] فاعل القول المقدر أي: يقولون ذلك وهم على هذه الحالة. والثاني: أنها حال من فاعل "يتخذونك"، وإليه نحا الزمخشري، فإنه قال: "والجملة في موضع الحال أي: يتخذونك هزوا وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية، وهي الكفر بالله".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية